تواصل السير. وكيف تستطيع وهذا اللباس الغريب يحد من حرية الجسم ورشاقة الحركة؟!
وكثير من قصاصينا تنقصهم صفة الخروج إلى الحياة. . . ومن هنا تفوح من قصصهم رائحة (الجدران المغلقة)، ونعني بها تلك الأركان المنعزلة التي يقبعون فيها ليرسموا للحياة لوحة تستمد ظلالها وأضواءها وألوانها من جو المحال العامة والأندية الخاصة. . . الفنان الحق ومن يخرج إلى الحياة ليستخدم كل حواسه في تذوق معانيها، ونقل كل ما يمكن أن يلهب الخيال فيها إلى لوحات من التصوير الفني، والفن - كما قلت غير مرة - ما لم يتصل، بالحياة فهو همود وجمود وموت!
وإذا ما انتقلنا إلى المشكلة الثالثة وهي مشكلة المسرحية المصرية الحديثة في أي لون من ألوانها سواء كان هذا اللون هو الدرامة أو الميلودرامة أو الكوميديا، وجدنا أن خطوات العمل الفني فيها أكثر تعثراً منه في القصة، ومرجع هذا أيضاً إلى أن من يعالجون كتابة المسرحية في مصر أناس لا يلمون كل الإلمام بأصول الفن المسرحي. إن نجاح المسرحية يتوقف إلى حد بعيد على توفيق الكاتب في اختيار الفكرة أولاً، ثم على تهيئة الجو المسرحي لفكرته تهيئة تعتمد أول ما تعتمد على بعث الحياة والحركة في الحوار، وفيما يعرض من نماذج بشرية يتعمد في تحريكها عن جو الدُّمى وقطع الشطرنج، وعلى عنصري التشويق والمفاجأة، وعلى لتسلسل الفني في عرض الحوادث عرضاً لا تحس فيه انقطاع الصلة بين الفن والحياة أما أساس العمل الفني في المسرحية فهو (الصراع)؛ النفسي والفكري والفني كما يقسمه واضع الدعامة الأولى للأدب المسرحي الحديث هنريك إبسن، وأما الصراع النفسي فهو ذلك الذي يكون بين ميول نفسية، والفكري هو ذلك الذي يكون بين ميول ذهنية، والفني هو ذلك الذي يتمثل في عملية الحوار، من ناحية صدق الصلة بينه وبين كل شخصية تلعب دورها على المسرح. كل هذه الدعائم لابد من توفرها ليتم البناء الكامل للمسرحية الناجحة، وقد تجد بعض هذه الدعائم متوفراً في المسرحية المصرية؛ ولكن مصدر إخفاقها هو خلوها في كثير من الأحيان من عملية (الصراع) بأركانه الثلاثة مجتمعة، وبخاصة الصراع النفسي، فليس منه إلا ومضات قليلة مبعثرة تشع هنا وهناك.!
هذه هي الظواهر التي خرجت بها من دراستي لبعض جوانب حياتنا الأدبية في السنين