جماعة من الفضلاء اجتمعوا في مجلس، وكل منهم يكره أبن الخصيب لما كان فيه من الفدامة والجهالة والتغفل، فتجاذبوا أطراف الملح في ذمه؛ فقال أحدهم: كان جهله غامراً لعقله، وسفهه قاهراً لحلمه. وقال آخر: لو كان دابة لتقاعس عن عنانه، وحرن في ميدانه. وقال آخر: كنت إذا وقع لفظه في سمعي أحسست النقصان في عقلي. وقال بعض كتابه: كنت أرى قلم أبن الخصيب، يكتب بما لا يصيب، ولو نطق لنطق بنوك عجيب. وقال آخر: لو غابت عنه القافية لنسيها. وقال أبو العيناء في آخر هذا التصنيف:(كان أبو الخصيب إذا ناظر شغب، وربما رفس من ناظره إذا عجز عن الجواب، وخفي على الصواب، واستولت عليه البلادة، وعرى كلامه من الإفادة؛ وكان إذا دنوت منه غرك، وإن بعدت عنه ضرك، فحياته لا تنفع وموته لا يضر.
لذلك هجاه قائلاً:
قل للخليفة يا أبن عم محمد ... أشكل وزيرك إنه ركال
قد أحجم المتظلمون مخافة ... منه، وقالوا ما نروم منه مجال
ما دام مطلق علينا رجله ... أو دام للنزق الجهول مقال
قد نال من أعراضنا بلسانه ... ولرجله بين الصدور مجال
امنعه من ركل الرجال وإن ترد ... مالا فعند وزيرك الأموال
فما زاد أبو العيناء على أن جعل أبن الخصيب ركالاً يطلق رجله على الناس، وطالب الخليفة بأن يضع فيه الشكال الذي تقيد به الدابة. وأحسب أن هذا منتهى ما يصل إليه الهجاء!