موقفنا منهما أن ننتصر لأمتنا الناهضة الباسلة، ولقوميتنا النامية المتحفزة، ولذاتيتنا التي تريد أن تستقل، وتكون كيانا خاصا بنا. . . نحن أبناء العرب وبني العصر الحاضر. . - فإذا حددنا موقفنا رسمنا خطتنا بازاء من يعتدي على قوميتنا، ويلهو بنا، ويسعى إلى الحط من شعرنا العربي عن قصد أو عن غير قصد.
وديوان (نار ونور) يمثل الفئة الثانية تمثيلا صادقا! ويعبر عن العقلية المحدودة، والنظرة الضيقة، والعاطفة الميتة التي عرف بها شعراء هذه الفئة. فلننظر في هذا الديوان:
الشعر - كما أفهمه - تجربة نفسية صادقة، وتصوير دقيق لهذه التجربة. . فهو نتيجة لاستجابة عاطفية أو فكرية للمؤثرات الخارجية معروضة في تعبير لغوي دقيق. . . فنحن نعيش في هذا العالم محاطين بأشياء كثيرة، أحياء وجمادا. . والحياة التي تحقق بين جوانحنا تدفعنا إلى التأثر بهذه الأشياء إيجابا أو سلبا. فما علينا إلا أن ننقل إحساسنا الصادق إلى القرطاس.
هذا هو الشعر في ابسط تعاريفه ذو ركنين من العاطفة والتعبير الصادق.
فماذا حقق لنا الأستاذ المجذوب من هذين الركنين؟
في الديوان قصائد أملتها المناسبات، وقصائد أخر تعبر عن آراء الشاعر في الناس، ونظرته إلى الحياة.
وأنا أمقت شعر المناسبات لأنه (كالسخرة) الأدبية وكالتجارة التي يلتجأ فيها الشاعر إلى المراوغة والكذب، وإلى الخداع والتضليل، أضف إلى ذلك أن شعر المناسبات يقيد شخصية الشاعر التي يجب أن تظهر واضحة جلية طليقة في كل ما ينظم. . وشعر المناسبات يدفع الشاعر إلى إرضاء الجماهير، وإرضاء الممدوح، وتملق العواطف.
وفي قصائد المناسبات من هذا الديوان تظهر نفسية الشاعر المضطربة: يتكلف المعاني ويسرف في التكلف حتى يخيل إلينا أنه يعبث عبث الصبيان، وينشا من غير عاطفة أحسها، ومن غير شعور اختلج في نفسه. .
وتلك هي النكبة الكبرى في هذا الديوان. فالشاعر يعرف الشعر رصف كلمة جنب أخرى، ووضع بيت تحت بيت، فتراه يرثي رجلا، ويمدح محسنا، ويحتفل بمولد طفل، وينظم برقية تعزية!. . وهذا أعجب ما عرفت في هذا الباب.