للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلنفرض على القارئ الكريم شعر المناسبات هذا. . شعر المناسبات الذي دافع عنه الشاعر ولم يحسن الدفاع كما لم يحسن التطبيق. . ولتكن عندنا أناة وصبر لنعرف منزلة هذا الشاعر الكبير. . ولنقرأ مدحه لعلي مظهر باشا رسلان الذي يقول فيه:

آية الفن أن يفيض على الظلم ... سعيرا وفي الجمال فنونا!

فأدرها صهباء في عرس الحق ... ترد الوجود شعرا مبينا

المنى في يديك قاصرة الطر ... ف فمتع بحسنهن (الجفونا)!

لفها النور في وشاح من الخل ... د أراق الدجى عليه الشؤونا (؟)

وذرا فوقه الكواكب حمرا ... ء عليها دم الضحايا سخينا!

أقرأت هذا العبث اللفظي الذي لا طائل وراءه؟. . . أرأيت دم الضحايا (السخين). . ثم اقرأ هذا المدح، وافهم الصفة التي أطلقها الشاعر على ممدوحه:

يا رسول السلام والرحمة الكبر ... ى وترب الجحاجيح المنقذينا

ومنار الهداة للمدلج السا ... ري وغيث السماء للمجدينا

لو بيعت هذه الألقاب في السوق فهل تعرف كم يكون ثمنها؟

إننا نمقت شعر المناسبات لأنه يطلق الألقاب دون استحياء ولا خجل؛ فهذا رسول السلام، وذاك رب الرحمة، وآخر غوث السماء، ورابع إمام الفصيلة والإحسان والجود. . .

ولننتقل إلى الرثاء لنقرأ رثاءه لغازي حيث يقول:

اختنق يا لواء حزنا فإن الشم ... س مخنوقة السنا في الأعالي

اختنق إن في اختناقك معنى ... غصة الدمع في صدور الرجال

اختنق فالمصاب بالبطل المر ... موق (من شرفة النهى والخيال)

اختنق فالشام سكرى وبغدا ... د ثكول والقدس في زلزال!!

ولم يختنق إلا القراء المساكين من هذه المبالغات الغريبة.

إن رثاء الأستاذ المجذوب يذكرنا بشعراء الفترة المظلمة، حين نعوا الفضيلة، وكسفوا الشمس، وخربوا الدنيا، ورثوا الحق والإنصاف والكرم والمثل العليا. . لماذا؟. . لأن صاحبهم مات. . الله يرحمه. . أما سائر شعر المناسبات فلنتركه لمن أصابه السهاد!

ولنأت إلى أشعاره التي تضمنت آراءه في الناس وفي الحياة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>