للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

علاجه، ولو كان من المشعوذين

زيد من الناس مريض لا شك في اشتداد المرض عليه.

سلمنا. وذهبنا في التسليم إلى غاية ما يريدون. ولكن مرضه هذا لا يشهد بالقدرة الطبية لكل من يعالجه، ولا بصحة الدواء الذي يوصف له في ذلك العلاج.

هذا شيء، وهذا شيء آخر، ولا بد من الفصل بين مرض زيد ودعوى الطبيب. لان الطبيب الجاهل أضر من المرض، أو اضر من ترك المريض بغير علاج.

والشيوعية لم تثبت قط - نظراً ولا عملا - أنها هي الطبيب الصالح لعلاج الفساد في المجتمع الحاضر. فقد كلفت روسيا أكثر من عشرين مليوناً من أبنائها ذهبوا في المجاعات والأوبئة والفتن الاهلية، وكلفتها حرية أبنائها الذين لا يملكون حق انتقاد الحكومة فيها، ومضى عليها ثلث قرن من الزمان في تطبيق دائم تعززه القوة الغالبة، فكانت نهاية المطاف أن روسيا تأخذ بنظام الطبقات وتخشى أن تنكشف للعالم، فيطلع العالم كله على فشلها، ولا تزال محتاجة إلى إثارة الفتن في كل بقعة من بقاع الأرض، لتأمن على نظامها المتصدع الذي تخشى عليه الزوال.

أما أن الغرض الأساسي للدين هو علاج الأمراض الاجتماعية، فهذا غير صحيح.

لأن الأمراض الاجتماعية عارض بتغير من عصر إلى عصر، ومن بلد إلى بلد، ومن سلالة بشرية إلى سلالة أخرى.

ولو كان الدين مسألة هذا المجتمع أو ذاك لوجب أن يكون لكل آمة دين، وأن يتغير هذا الدين في كل عشرين أو ثلاثين سنة، وهذا غير الواقع الذي نراه.

إنما الدين علاقة بين الإنسان وبين هذا الوجود كله، أو علاقة بين الموجودات الإنسانية وبين مصدر هذا الوجود.

ما الإنسان؟ ما مصيره؟ ما هو رجاؤه في حياته؟ ما هو قوام الحقائق والأخلاق في ضميره؟

هذا هو مناط الدين وهذه هي رسالة الدين.

فهو مسألة إنسانية تلازم الإنسان على توالي العصور، وعلى اختلاف المجتمعات.

ثم يأتي إصلاح المجتمع من طريق إصلاح الضمير.

<<  <  ج:
ص:  >  >>