وإذا كان التاريخ يروي لنا اليوم أن امرأة في عهد عمر ابن الخطاب كانت تطبخ الحصى فأنقذها عمر، فالفضل في ذلك للنظام الذي جعل هذا الحادث مثلا يروى في التاريخ، ولم يطمسه بغشاوة الظلم والكمان كما تنطمس اليوم ألوف الشيكات في مجاهل سيبريا، وفي ظلمات السجون، وفي حنايا القبور، فلا يعلم بها أحد من الناس في ساعتها، فضلا عن علمه بها بعد مئات السنين.
أما حديث صاحبك عن الضريبة التصاعدية في الإسلام فهو حديث خرافة، لأن أولي الأمر في الإسلام - مع قيام الشورى في حكومته - يستطيع أن يفرض ما يشاء، كلما اقتضته مصلحة المجموع.
ولضريبة عمر في أعناقنا بقية على ما يظهر.
فقد جاءنا أيضاً هذا السؤال عن عمر بن الخطاب من الأديب صاحب الإمضاء. قال:
(. . . في كتابكم عبقرية عمر أنه رضى الله عنه أوصى بوضع قواعد النحو، بينما يقول أستاذنا الفاضل، بأن الذي أوصى بوضعها هو علي بن أبي طالب. . . فعلا تفضلتم بشرح هذا الاختلاف؟. . .
أحمد كمال الدين الغرابلي
طالب بمدرسة العروة الوثقى الثانوية بالإسكندرية
وجوابنا للطالب الأديب أننا اعتمدنا فيما كتبناه على مسند عمر في الجامع الكبير حيث قال أبو مليكه: (قدم أعرابي في زمان عمر رضى الله عنه فقال: إن الله بريء من المشركين ورسوله) بكسر اللام في رسوله. فقال الأعرابي: أو قد بريء الله من رسوله؟ إن يكن الله قد بريء من رسوله فأنا أبرأ منه. فبلغ عمر مقالة الأعرابي فدعاه. فقال: يا أعرابي! أتبرأ من رسول الله؟ فروى له القصة. فقال عمر: ليس هكذا يا أعرابي. قال فكيف هي يا أمير المؤمنين؟ فقال: إن الله بريء من المشركين ورسولُه. فقال الأعرابي: وأنا والله أبرأ مما بريء الله ورسوله منه. فأمر عمر رضى الله عنه ألا يقرئ الناس إلا عالم باللغة، وأمر أبا الأسود فوضع النحو).
وهذه رواية يصح التعويل عليها، وقد ثبت على كل حال أن الفاروق رضى الله عنه كان