إلى الحبس، ثم أخرجه بعد أيام، فقال: هل أوحي إليك بشيء؟ قال: لا. قال: ولم؟ قال: لأن الملائكة لا تدخل الحبس! فضحك المأمون ثم أطلقه.
وجيء بمتنبئ - مقيدا - إلى سليمان بن علي فقال له: أنت نبي مرسل؟ قال: أما الساعة فأني مقيد. قال: ويحك! من بعثك؟ قال: أبهذا تخاطب الأنبياء يا ضعيف، والله لولا أني مقيد لأمرت جبريل أن يدمدمها عليكم. قال: فالمقيد لا تجاب له دعوة؟ قال: نعم. الأنبياء خاصة إذا قيدت لم يرتفع دعاؤها.
ولا أدري ما الذي حمل الإخباريين على أن يشقوا لكل متنبئ طريق النجاة إن لم تكن الدعابة هي غايتهم؟! على أنهم إذا أوقعوا أحدهم في مكروه التمسوا الفكاهة في ناحية أخرى من خبره. ادعى رجل النبوة في زمن خالد بن عبد الله القسري الوالي الأموي وعارض القرآن، فأتى به خالد، فقال له ما تقول؟ قال: عارضت في القرآن ما يقول الله تعالى (إنا أعطيناك الكوثر) فقلت أنا ما هو أحسن من هذا: إنا أعطيناك الجماهر، فصل لربك وجاهر، ولا تطع كل كافر وساحر. فأمر به خالد فضربت عنقه وصلب، فمر به أحد الظرفاء فقال: إنا أعطيناك العمود، فصل لربك على عود، وأنا ضامن ألا تعود.
هكذا كانوا يتندرون بهم، ويسخرون منهم، ونحن لا نجد في عصرنا من يدعي الألوهية في الدين وفي غير الدين، فهل يصلي هؤلاء على عود؟!