يا غائبين تعللنا لغيبتهم ... بطيب ولا والله لم يطب
ذكرت والكأس في كفى لياليكم ... فالكأس في راحة والقلب في تعب
وقال أيضا في (الكمال) وهو مسمى به:
أرى جلستي عند الكمال تميتني ... غبونا ونفعي بالعلوم بفوت
وما تنفع الآداب والعلم والحجا ... وصاحبها عند الكمال يموت
وقال متغزلا موريا في (حمل وقد):
سألت النقا والبان أن يحيكا لنا ... روادف أو أعطاف من زاد صدها
فقال كثيب الرمل ما أنا حملها ... وقال قضيب البان ما أنا قدها
وروى محي الدين بن عبد الظاهر في (الأوراق) فقال متغزلا:
ذو قوام يجور منه اعتدال ... كم طعين به من العشاق
سلب القضب لينها فهي غيظي ... واقفات تشكوه بالأوراق
ومن طرائف التوريات ما خرج مخرج الجناس، قال ابن حجة (قد تقرر أن ركتي الجناس يتفقان في اللفظ ويختلفان في المعنى لأنه نوع لفظي لا معنوي. وهو نوع متوسط بالنسبة إلى ما فوقه من أنواع البديع: والتورية من أعز أنواعه وأعلاها رتبة فإذا جعلت الجناس تورية انحصر المعنيان في ركن واحد، وخلصت من عقادة الجناس).
ومن جناس التورية قول بدر الدين الدماميني يصف ابن حجر العسقلاني:
حمى ابن علي حوزة المجد والعلى ... ومن رام أشتات المعالي وحازها
وكم مشكلات في البيان بفهمه ... تبينها من غير عجب ومازها
مازها من ماز يميز أو بمعنى لم يدخله الزهو.
فأجابه ابن حجر بقوله:
بروحي بدراً في الندى ما أطاع من ... نهاه وقد حاز المعالي فزانها
يسائل أن ينهي عن الجود نفسه ... وها هو قد بر العفاة ومانها
ومانها، من مانه بمعنى كفاه. أو مانها من النهى.
ويطول المقام إذا ذهبنا نتحدث عن التورية نستشهد لأنواعها من شعر هذا العصر. فحسبنا ما مر.