للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

صادقا قوي الإلهام وستطاع أن بحس إحساسا عميقاً بمبدأ من المبادئ أو مشكلة من المشكلات، استطاع أن يعبر عنها في عمل فني يجد فيه المصلح الاجتماعي تأييداً لقضية الإصلاح أو تعزيزا لمبدأ من المبادئ. فأما أن يتكلف الكاتب معالجة إحدى هذه المشكلات أو يذعن لرغبة من الرغبات الخارجية في هذا الصدد، فإنه يكون متكلما كاذباً على نفسه وعلى الإلهام الفني.

وكان فيما تناولته المحاضرة حديث عن التاريخ بين العالم والفنان، وقد شرح الفرق بين موقف المؤرخ والقصاص من أحداث التاريخ ومشاهده، فقال إن العالم مضطرا أن يذعن للحقائق ويتحرى دقة الأرقام وصدق الوقائع، فأما الفنان فإنه يقرأ هذه الحقائق ويتمثلها، ثم يترك لوحيه الفني أن يلهمه صورة لا تكذب على التاريخ برسومها وأعلامها، ولكنها ليست ترجمة تاريخية مبنية على وقائع، ثم قال إن المؤرخ العالم قد يقرب من المؤرخ الفنان إذا اصطبغ أسلوبه وتصويره بصبغة فنية، وكذلك المؤرخ الفنان قد يقرب من المؤرخ العالم إذا التزم الدقة التاريخية جهد الإمكان، ولكن الذي لا شك فيه أن مهمة كل منهما تختلف عن مهمة الآخر وأن النظرة إلى كل منهما يجب أن تكون نظرة خاصة وأن تقدر عملهما على هذا الاعتبار.

وقد افاض المحاضر القول في مذهب ما وراء الواقع وأثره في القصة الفنية وفي الرسم والرقص والموسيقى، وقال إن هذا المذهب يستمد من العقل الباطن ويجب أن بكون له رقيب من العقل الواعي وإلا كان كالبركان يقذف بالحمم وكالعباب يطغى موجه إلى حد الإغراق.

وختم الأستاذ تيمور بك محاضرته بالإشارة إلى أن القصة الخالدة هي القصة التي يتوافر حظها من العناصر الإنسانية الثابتة بغرائزها وطبائعها، والتي لا تقتصر على جاذبية اللون المحلي والموضوعات الوقتية، والتي لا تعتمد على قضايا المنطق والحكمة ولا تؤثر الوعظ المباشر والنصح الظاهر والتأييد المكشوف للقضايا الاجتماعية. ثم ألمع إلى أن خير الطرق في تربية النشء بالقصة هو أن نضرب صفحا عن الأمثال والمواعظ الجامدة التي لا يحس الناشئ أثرها في واقع الحياة، وأن نستعيض عن ذلك بقصص إنسانية تربى في النشء فطنة وتبصراً بالحياة التي يعيشها فلا يعرف حين يمارس هذه الحياة أن أصحاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>