للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سرير موتها، وتود جاهدة أن تلقي ببصرها الرقيق الحزين على ذويها قبل أن تغمض عيناها إلى الأبد.

- ١٦ -

لنتجنب السكك الحديدية ما دامت الرحلة بها مجردة عن كل لذة، حيث تجري على تلك الخطوط وكأنما هي سهم انطلق في الفضاء من قوسه الى غرضه، وسط أزيز الهواء، وهكذا ترى الإنسان وقد قذف به الى بُعد لا يستنشق، ولا يرى من الطبيعة الا ضباباً خانقاً يخترقه برق خاطف!

- ١٧ -

لن نسمع بعد اليوم وقع سنابك الخيل على الطرق الملتهبة. وداعا أيتها الرحلات البطيئة! تلك الأصوات التي نسمعها عن بعد! ضحكات المارة توقف العجلات عن السير. ثم تلك المنعطفات غير المتوقعة في مختلف المنحدرات، صديق نلقاه فننسى معه الزمان. الأمل في الوصول إلى مكان مهجور في وقت متأخر!

- ١٨ -

لقد تغلبنا على الزمان والمكان! لقد مدّ العلم حول كرة الأرض خطاً مستقيماً نحساً. لقد ضيقت معارفنا من فضاء الأرض وأصبح خط الإستواء عبارة عن حلقة صغيرة ضيقة. لا صدفة بعد اليوم. سيتخذ كل وجهته لا يعدو المكان الذي يحتل من بدء الرحلة غارقا في تقديرات صامتة باردة!

- ١٩ -

محال على الأحلام الوادعة الملتهبة بالعاطفة أن ترى قدمها الأبيض معلقا بها من غير أن ترتجف مشمئزة لأنه لا بد لها من أن تلقي على كل مرئي نظرة طويلة كالنهر المتدفق وأن تستجوب في لهفة كل شيء وأن تدرس في عناية كل سر الهي، وأن تسير وتقف، وتسير ورأسها منحن.

<<  <  ج:
ص:  >  >>