وقد أيد علماء الشيعة ذلك أيضاً مثل النوبختي والكشي والكليني المحدث الشيعي الشهير صاحب كتاب (الكافي) في أحاديثه عن الإمام الصادق في عبد الله ابن سبأ. ويظهر من دراسات هذه الروايات أنها ترجع في الواقع إلى أوائل العصر العباسي وأواخر العصر الأموي.
وقد كانت (صنعاء) عاصمة اليمن في أيام الأحباش قاعدة مهمة لليهود. والظاهر أنهم أقاموا بها منذ مدة قبل غزو الأحباش لليمن. وأنهم صاروا يشعرون بطمأنينة بال وراحة في هذه المدينة، فربطوا حوادثها بالتوراة وقالوا إنها مدينة (أزال)(أوزال) التي ورد خبرها في الكتاب المقدس. فهل كان (عبد الله بن سبأ) أحد هؤلاء اليهود الذين حافظوا على ديانتهم إلى أيام الخليفة عثمان بن عفان حتى إذا أسلم تلمكته حمى التنقل من مكان إلى مكان ومن قطر إلى قطر داعياً الناس إلى دعوات غريبة، طمعاً في إثارة الفتنة وخلق الفوضى في صفوف المسلمين. فزار الحجاز وذهب إلى البصرة فالكوفة فالشام فمصر، واتصل بكل هذه الأقطار عن طريق المراسلة حتى تمكن من تأجيج نار فتنة لم تخمد حتى اليوم؟
والعجيب أن رجلا كهذا الرجل لم يسجل الرواة حوادثه ولا أخباره، ثم ينصاع له شيوخ من شيوخ المسلمين، ولا يتقدم أحد لقتله أو سجنه على هذه المقالات التي كان يظهرها وهو في صورة مسلم يدين بالإسلام.
ذكر الطبري أنه لما مضى من إمارة ابن عامر ثلاث سنين بلغه أن في عبد القيس رجلا نازلا على حكيم بن جبلة، وكان حكيم ابن جبلة لصاً، إذا قفل الجيوش خنس عنهم فسعى في أرض فارس فيغير على أهل الذمة ويتنكر لهم ويفسد في الأرض ويصيب ما شاء ثم يرجع. فشكاه أهل الذمة وأهل القبلة إلى عثمان فكتب إلى عبد الله بن عامر أن احبسه. ومن كان مثله فلا يخرجنَّ من البصرة حتى تأنسوا منه رشداً. فحبسه، فكان لا يستطيع أن يخرج منها. فلما قدم ابن السوداء نزل عليه واجتمع إليه نفر فطرح لهم ابن السوداء ولم يصرح. فقبلوا منه واستعظموه. وأرسل إليه ابن عامر فسأله ما أنت؟ فأخبره أنه رجل من أهل الكتاب رغب في الإسلام ورغب في جوارك. فقال ما يبلغني ذلك، أخرج عني. فخرج حتى أتى الكوفة فأخرج منها، فاستقر بمصر وجعل يكاتبهم ويكاتبونه ومختلف الرجال بينهم)