وشوبنهاور واضرابهم، ولكنه لم يرجع من فلسفتهم إلا (بأن كل شي في الحياة عبث، وأن السعيد هو ذلك الذي لم يولد).
ماذا يقول سقراط؟ أليس هو القائل:(إننا نقرب من الحقيقة كلما أخذنا في الابتعاد عن الحياة، وأن حياة الجسد شر وباطل؛ وعلى ذلك فالقضاء على حياة الجسد من النعيم، وينبغي علينا أن نطلبه؟) وماذا يقول بوذا؟ أليس هو القائل:(إن من المستحيل أن نعيش وفي نفوسنا أن الألم أمر لابد منه، وأننا سوف يلحقنا الضعف ويصيبنا الكبر ويدركنا الموت. . . ألا إنه يجب علينا أن نتخلص من هذه الحياة؟).
وماذا يقول سليمان؟ أليس هو القائل (عبث في عبث وباطل في باطل، وماذا يجني الإنسان من عمله تحت الشمس؟ يمضي جيل وياتي جيل غيره والأرض هي الأرض قائمة أبداً؛ وكل ما كان هو ما سوف يكون، وما عمل هو ما سوف يعمل؛ ولا جديد تحت الشمس. ولن يذكر ما مضى من الأشياء، وكذلك ما هو آت فسوف لا يذكره من يأتي بعده).
وماذا قال شوبنهور؟ أليس هو القائل:(الحياة هي ذلك الذي كان يجب ألا يكون. . . هي الشر؛ وإن انتهاءنا إلى اللاشيء هو الخير الوحيد فيها).
وهذه الحكمة الهندية القديمة كيف تصور الحياة؟ (كان سكياموني أميراً شاباً يعيش عيشة سعيدة حُجب عنه العلم بالمرض والكهولة والموت. وخرج الأمير ذات يوم للنزهة فبصر بشيخ فقد أسنانه، يتعثر في مشيته، ويبعث منظره الرعب في النفس، فسأل ذلك الأمير الذي لم يكن له علم بالشيخوخة حتى ذلك اليوم سائق عربته، وقد أخذه العجب: ماذا يكون ذلك؟ وكيف وصل الرجل إلى هذه الحال التعسة الكريهة؟ ولما علم الأمير أن ذلك حظ الناس جميعاً، وأنه سوف يصيبه لا محالة يوماً ما، لم يستطع أن يستمر في نزهته، وأمر سائقه فعاد به إلى القصر ليتفكر في هذه الحقيقة. ثم أغلق من دونه الأبواب وجعل يتفكر. ويرَّجح أنه وجد عزاء لنفسه؛ فقد خرج ثانية للتنزه مبتهجاً سعيداً، ولكنه أبصر هذه المرة مريضاً متهدماً أعشى العينين مرتعش البدن، ولما لم يكن للأمير علم بالمرض فقد وقف وسأل عن ذلك. ولما علم أنه المرض، وأن كل إنسان عرضة له وأنه هو نفسه، وهو الأمير القوي السعيد، قد يمرض في غده، لم يطق متابعة سيره وعاد ثانية إلى قصره ليتدبر ويبحث عن عزاء ويرَّجح كذلك أنه أصاب عزاء، فقد خرج يتنزه للمرة الثالثة. ولكنه في