يقرؤا كما كنا نقرأ. . . الخ - يريدون أن يهدمونا. . . ولا أجد غضاضة في أن أصرح بأن مجاملات المشرفين على النشر من أكبر عوائق النقد الأدبي، وهم يقولون لك: ترفق، ولا تكن عنيفاً. أكان أساتذتنا أدباء الجيل مترفقين في نقد من كان قبلهم. .؟ أو في نقد بعضهم بعضاً أيام الحماس والفتوة. . .؟ لقد كانوا يتبادلون شتائم يخرجون فيها عن حدود الذوق والفن والأدب. ولا شك أن لغة النقد الآن - على قلته - قد ارتقت وهذبت. بل هي قت إلى حد أفسدها. . . وهو حد التقارض والمصانعة.
فكيف يفزع من هذا النقد الرفيق من ذلك ماضية في النقد؟ أما الأستاذ توفيق الحكيم خاصة فليس له ماض في النقد الأدبي، وهو لا يميل إلى الاشتباك في المعارك الأدبية، ولذلك نراه يتخذ أسلوباً (حكيما) في الفزع من النقد. . يقرأ ما يكتب عنه، ثم يعقد فصلا في أخبار اليوم يتظاهر فيه بأنه يعالج موضوعاً مستقلا، وما هو في الواقع إلا تبرير لما يؤخذ عليه. . . وأستطيع أن أرجع دافع كل مقالة كتبها في ذلك إلى شيء كتب عنه. ثم جاء أخيراً يسأل: ماذا نصنع؟ تناقش يا سيدي وجهاً لوجه، وتدفع الحجة بالحجة، أو تسكت إن أخذتك العزة بالإثم. . .
والحق الصريح أن أكثر نتاج الكبار في هذه الأيام لا يعجب الشباب، ولا يعجب كثيراً من الكبار أنفسهم، ويعز على الجيل الجديد أن يفجع في أساتذته، وأن مما يمكن أن يصنعه هؤلاء الأساتذة أن ينفضوا الغبار عن تماثيلهم القديمة المقدسة لدى الشباب. .