للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لاحتاج المقال إلى أكثر من مجال.

والسبعة الشهب الذين عنونا بهم المقال، يكونون حلبة من تلك الحلبات، أو على وجه أدق هم فريق من حلبة تعاصر رجالها وتعدد أبطالها. وقد اجتمعوا في القاهرة في وقت واحد، وكان كل منهم يلقب بشهاب الدين وهم سبعة من الشعراء الذين زاع صيتهم وملأ شعرهم فجاج القاهرة وغمر أسماعها، حتى أطلق عليهم القاهريون هذه التسمية (السبعة الشهب) وعرفوا بها، وسجلتها لهم كتب الأدب والتاريخ.

هؤلاء الشهب السبعة هم: الشهاب بن حجر العسقلاني، والشهاب بن الشاب التائب، والشهاب بن أبي السعود، والشهاب ابن مباركشاه الدمشقي، والشهاب بن صالح، والشهاب الحجازي، والشهاب المنصوري.

لمعت هذه الشعب معا في سماء القاهرة في أواسط القرن التاسع الهجري، وليسوا أول الشهب اللامعة به ولا آخرها، فقد سطع بالقاهرة من الشعراء غيرهم من يدعى (شهاب الدين) مثل شهاب الدين بن العطار المصري المتوفي عام ٧٩٤هـ، ولكن ميزة هؤلاء المتشابهين في ألقابهم وحرفتهم أنهم تعاصروا واجتمعوا بها فاقترنت ألقابهم، وأضفى عليهم هذا التعاصر والاجتماع ثوبا من الجلال والشهرة.

وفضلا عما اشتهر به كل منهم على حدة من الفضل، عقدت المودة أواصرها بينهم. . أو على الأقل بين بعض منهم وبعض، واتصلت بينهم وشائج الأدب وروابط الفن، فتبادلوا بالشعر مقارضات الثناء ومطارحات الإخاء، ونمت فيهم مظاهر التعاطف والألفة مع التسابق في مضمار الأدب.

أما شهاب الدين بن حجر العسقلاني فهو قاضي القضاة العالم الفقيه الحافظ الرواية المؤلف المؤرخ، صاحب كتاب (الدرر الكانتة) و (فتح الباري) و (الإصابة) وغيرها من ذخائر الفقه والتاريخ والحديث. وهو الأديب الشاعر النائر. وفي إحدى مقالاتنا السابقة جلينا صفحة من أدبه وروينا فيها طرفا من شعره، ذاكرين أن له ديوان شعر مخطوطا قيما لا يزال قابعا مجفوا في رف من رفوف دار الكتب المصرية. ولا بأس هنا أن نذكر أنه قال الشعر في أغراض عدة منها النبويات والمدائح والإخوانيات والغزل وغيرها. وقد وشح وقطع، وطارح وورى وألغز وحاجى، إلى غير ذلك.

<<  <  ج:
ص:  >  >>