ومن لطيف أغزاله قوله:
صب للقياك بالأشواق معمود ... فقيد صبر عن الأحباب مفقود
ناء عن الأهل والأوطان مغترب ... وواحد ماله في الصبر موجود
متيم قد بكى بعد الدموع دما ... كأنما هو في عينيه مفصود
النار ذات وقود في جوانحه ... شوقا وفي خده للدمع أخدود
يا مخجل الشمس بالأشواق إن فتى ... طلعت في داره يوما لمسعود
أسرت قلبي ومذ حجبت عن بصري ... تهيا فكان له بالقرب تبعيد
روى أن شهاب الدين بن مباركشاه مدح ابن حجر بقصيدة دالية. وروى أن شهاب الدين الحجازي كان يطارح ابن حجر شعراً.
وكان ابن حجر أول شهاب منهم خبا ضوءه وغاب شاعاعه، وأسلم للمغيب، وكان ذلك في عام ٨٥٢هـ وقد رثاه الشهابان الحجازي والمنصوري. فقا لأولهما من قصيدة رائية:
كل البرية للمنية صائره ... وقفو لها شيئاً فشيئاً سائره
والنفس إن رضيت بذا ربحت وإن ... لم ترض كانت عند ذلك خاسره
ومنه يصفه:
فكأن في قبره سر غدا ... في الصدر والأفهام عنه قاصره
وكأنه في اللحد منه ذخيرة=أعظم بها درر العلوم الفاخره
وذكر الشهاب المنصوري أنه سار في جنازته، فأمطرت السماء على نعشه، وقد قرب إلى المصلى، ولم يكن الوقت وقت مطر فقال:
قد بكت السحب على ... قاضي القضاة بالمطر
وانهدم الكرن الذي ... كان مشيدا من حجر
أما شهاب الدين المعروف بالشاب التائب فهو أحمد بن علي ابن محمد القرافي القاهري الشافعي. ذكر السخاوي في الضوء أنه كان أديبا فاضلا جيد الخط، أخذ العلم والأدب عن ابن الهمام والشمني والحصني، وقرأ توضيح ابن هشام. وأنه كان يطارح بشعره. وممن طارحهم الشهاب المنصوري ومن شعره موريا في حسناء اسمها شقراء:
سبقت لميدان الفؤاد بحبها ... شقراء تجذب مهجتي بعنان