بعد الممات أصيحابي ستذكرني ... بما أخلف من أولاد أفكاري
ومن شعره:
قصدت رؤية خصر مذ سمعت به ... فقال لي بلسان الحال ينشدني
انظر إلى الردف تستغني به وأنا ... مثل المعيدي فاسمع بي ولا ترني
وقد مات الشهاب الحجازي عام ٨٧٥هـ عن خمس وثمانين سنة تقريباً، فرثاه صديقه الشهاب المنصوري بقصيدة منها:
لهف نفسي على أفول الشهاب ... تحفة القوم نزهة الأصحاب
كان في مطلع البلاغة يسري ... فتوارى من الثرى بحجاب
فقدت بره أيامي المعاني ... ويتامى جواهر الآداب
هطلت أدمع السحاب عليه ... وقليل فيه دموع السحاب
وبموت الحجازي أصبح الشهاب المنصوري وحيداً لا شهاب غيره فقال يرثي زملاءه الستة:
خلت سماء المعاني من سنا الشهب ... فالآن أظلم أفق الشعر والأدب
تقطب العيش وجها بعد رحلة من ... تجانبوا بالمعاني مركز القطب
تعطلت خرد الأيام من درر ... كانت تحلى بها منهم ومن ذهب
لو تعلم الأرض ماذا ضمنت بطرت ... بهم كما يبطر الإنسان بالنسب
ولو درى المسك أن الأرض قبرهم ... لود نشقة عرف من شذى الترب
وقد أصبح المنصوري من بعدهم شاعر عصره غير منازع، ورأس أدبائه غير مدافع. واسمه أحمد بن محمد بن خضر السملي، ويعرف بالهائم القاهري. كان جميل الهيئة متعففاً عن الناس. مهر في نظم الشعر وسلك به أبواب الغزل والوصف والمديح والرثاء وغيرها. وقد عاش بين سنتي ٧٩٩هـ، و٨٨٧هـ، ومات بعد أن نيف على الثمانين، وبعد فالج أصيب به فأقعده زمنا. وقد جمع شعره في ديوان كبير. وتقدم لنا من نظمه أمثلة. ومن قوله في الشكوى:
ليت شعري وفي الزمان خطوب ... وبلاء يختص بالأحرار
هل لميت قضى عليه طبيب ... من كفيل أو آخذ بالثار