العنوان هو كما يذكر الدكتور الأهواني (كتاب الفلسفة الأولى فيما دون الطبيعيات والتوحيد)، ويستنبط المحقق من هذا النص أن ما دون الطبيعيات غير التوحيد، ولكنه ينسى ما يقوله الكندي في أحد مواضع الرسالة أن الفلسفة هي علم الربوبية والوحدانية - أو التوحيد - وينسى ما يقوله الكندي في موطن آخر:(إن علم العلة الأولى سمى بحق الفلسفة الأولى).
ورسالة الكندي في الفلسفة الأولى لا تزيد على نصف الكتاب المطبوع اليوم إلا قليلا. أما النصف الأول فهو تحقيق علمي دقيق في ترجمة الكندي ونشأته ومنزلته في تاريخ الفلسفة الإسلامية وأسلوبه في الكتابة الفلسفية وتحليل الرسالة ذاتها، وقد أضاف هذا التحقيق كثيراً من القيمة لهذه الرسالة التي كانت للدكتور الأهواني فضل نشرها في لغة العرب لأول مرة، وهو فضل نسجلة دائماً مع الشكر لكل من يزيح ستراً عن أثر من آثار المسلمين إبان نهضتهم في زماننا هذا الذي تدعونا فيه دواع كثيرة إلى كشف الغطاء عن كل أثر إسلامي صغر أو كبر.
وإذا كنا أخذنا في عدد ماض من مجلة (الرسالة) على الأستاذ فؤاد جميعان عدم استيفاء التحقيق والتحليل لكتاب (ميزان الحكمة) الذي ألفه الحكيم الرازي، فان الدكتور الأهواني كان في الحق بعيداً عن موضع المواخذة حين أخرج رسالة الكندي في الفلسفة الأولى هذا المخرج الذي يجري على أسلم قواعد نشر المخطوطات. وإذا كان لم يقع لصديقنا الأهواني من مخطوط الكندي إلا نسخة خطية واحدة فانه في الحق قد عني نفسه في التحقيق والمراجعة على الرغم مما عاناه من رداءة الخط وكثرة التصحيف وعدم الإعجام في النسخ.
ولا أقول إن تحقيق الرسالة الكندية المعتصمية قد أوفى على الغاية، وخاصة حينما لا يكون بين يدي الناشر إلا مخطوط واحد يجتهد في تخريج الغامض من نصوصه عى ما يقتضيه السياق حيناً أو على ما يوحى به الحدس أحياناً. . . مما يحمل الناشر على أن يقول هذه العبارة التقليدية. . .: (في الأصل كذا ولعلها كذا) ولعل ما يقع من اضطراب أو غموض في أسلوب الكندي مردود في بعض الأمر إلى ما عند الناسخين من تخليط وتصحيف. والدكتور الأهواني يعترف معي بأن الكندي الذي تقع له العبارات البليغة في بعض رسائله