للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ملامحها، وأجمل سماتها. إن الريشة التي أبدعت هذه اللوحة ريشة إنسان قبل أن تكون ريشة فنان؛ إنسان أنطق أسمى مراتب الأمومة في نظرات السيدة العذراء، وأسمى مراتب النبوة في نظرت السيد المسيح. . . ومن هنا شقت لوحة رفائيل طريقها إلى القمة، بينما وقف غيرها لا يتخطى السفوح، لأن هذه من صنع المخيلة، وتلك من صنع الشعور

من هذه الزاوية الإنسانية التي نظر منها الفن إلى رفائيل في (الغذراء والطفل)، ينظر الفن مرة أخرى إلى ليوناردو دافنشي في (الجيوكوندا). . . هي لوحة تمثل امرأة، ولكن أية امرأة؟! لقد استطاع دافنشي الإنسان أن يبعث في عينيها العميقتين نظرات قديسة، وفي شفتيها الرقيقتين ظل ابتسامة لا ترسم إلا على شفتي ملك. وفي العينين والشفتين ركز دافنشي الإنسانية بكل ما فيها من معاني النبل والطهر والبراءة، ولهذا كانت (الجيوكوندا) تمثل ذلك الجمال الروحي المتصل بالسماء، بينما كان غيرها يمثل ذلك الجمال المادي المشدود إلى الأرض!

من كل هذه الأمثلة التي قدمتها إليك تستطيع أن تخرج بشئ واحد، هو أن الفن إذا لم يستمد وميضه وحرارته من نبضات القلب الإنساني، كان وميضه كوميض البرق، وكانت حرارته كحرارة الحمى. . .!

أنور المعداوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>