ولما قدم الحاكم إلى البلدة بعد غياب ثمانية عشر شهراً استحضر معه سكرتيراً خاصاً، وهو شاب غريب الأطوار كان يعيش في الحي اللاتيني بباريس. فرأى الآنسة فونتانل وأحبها. وقصوا عليه قصتها فلم يأبه بها؛ بل قال إن ذلك يضمن مستقبلها.
وغازلها ثم طلب يدها وتزوجها. وكان لا يخجل من التزاور معها؛ فكان البعض يرد الزيارة، والبعض يحجم عنها.
وسار الحادث مع الزمن في طريق النسيان، وأخذت السيدة مقامها في المجتمع. وكانت تعبد زوجها كما لو كان إلهاً. أم يرد إليها شرفها؟ ألم يقاوم المجتمع ويكافح الناس من أجلها، ويواجه الإهانات بسببها؟ لقد كان يقوم بدوره في شجاعة قل أن تجدها في الرجال.
وحملت فتفتحت أمامها الأبواب كأنما تطهرت تماماً بالأمومة، إن ذلك لشيء مضحك. ولكنها الحياة!
وسار كل شيء في طريقه العادي، حتى حانت حفلة البلدة السنوية، وأقبل الحاكم يحيط به سكرتيره وحواشيه وأصحاب الجاه لتوزيع الجوائز على المتسابقين، وأنت تعرف بالطبع ما يحدث من خلاف ومنافسة وغيرة بين الناس في مثل هذه الحفلات، وما أكثر أن يفقد البعض رشدهم. كان كل سيدات البلدة قد حضرن لمشاهدة هذه الحفلة. وتقدم رئيس فرة الموسيقى لبلدة دي مورميون؛ فقلده بول هامون وساماً من الدرجة الثانية. فقذف رئيس الفرقة بالوسام في وجه السكرتير صائحاً (احتفظ به لباتست - فأنت مدين له ولي بوسامين من الدرجة الأولى).
كان هناك حشد كبير من الناس فسرعان ما ضجوا بالضحك كان جمهوراً خشناً غير مهذب، واتجهت كل الأنظار صوب السيدة المسكينة. أواه يا سيدي، ألم تشاهد قط امرأة جنت؟ لقد كنت بين الحاضرين في تلك الحفلة، وشاهدتها وهي تحاول النهوض فتسقط على مقعدها ثلاث مرات متتالية، كأنها تريد الهرب فيقيدها عجزها عن اختراق هذه الجموع المتكاثرة المحيطة بها. وسمعت صوتاً من جهة ما يصيح:(أهلا. . . أهلا. . . بمدام باتست) فضج بعض الناس بالضحك واشمأز البعض الآخر. وهبت عاصفة من الضوضاء والهرج، واهتزت الرؤوس وترددت الأصوات، وتطلعت الأنظار تشاهد وجه