كتاب (النجاة في الصدق) وغيره من الكتب الكثيرة؟. . . الميت: نعم. .
نكير: أتعترف بأنك كنت تدس السم في هذا الكتاب وفي غيره، وأنك كنت تنشر الإلحاد في الناس، وتبث فيهم الإباحية؟. .
الميت: هذه تهم باطلة، وإني لأحتج عليها بكل ما أوتيت من قوة. . إنك أيها الملك الكريم تردد ما قاله خصومي في. والواقع أنني كنت أنشر المعرفة في قرائي، وأبث فيهم روح الحرية. . كنت أرفع الغشاوة عن أعينهم وأدلهم على طريق الهدى والصواب.
نكير: لقد بدأت تراوغ؟. . والتفت إلى منكر وقال له: اضرب!
وهوى منكر بالهرواة على ظهر المرحوم وقدميه بضربات شديدة جعلت سكان القبور المجاورة يرتعدون فرقاً من هول ما يجري في قبر جارهم الجديد، وكان الأديب يصرخ وسط هذا العذاب ويقول: إن عماكما هذا غير شرعي. . وستظهر براءتي في يوم الحساب الأكبر. . ماذا تريدان مني؟. . إنني نشرت المحامد في قرائي، وكشفت النقاب عن مساويء الناس وشرورهم، وبينت لهم أخطاءهم ونقائصهم. . ثم إنني إذا كنت قد وضعت مؤلفات وأنا على قيد الحياة مشبعة بشيء من الحرية والصراحة، فثقا بأنني عوقبت عليها، وسجنت، واضطهدت، وليس لديكما مبرر لمعاقبتي مرة أخرى!.
فتوقف منكر عن الضرب، وتابع نكير قوله للمرحوم الأديب: إسمع أيها المتهم. . نحن نضاعف العقاب على الكتاب المفكرين ونجعلهم في المرتبة الأولى بين المتهمين ويليهم الأشقياء واللصوص!. . فالشقي عندنا ينتهي أمره بموته. . أما الكاتب فجريمته لا تنتهي بموته، بل على النقيض من ذلك فإن مفعول سمومه يزداد جيلا بعد جيل. . وهذاعين ما فعلته كتاباتك وما ستفعله في المستقبل.
والتفت إلى منكر وقال له بحزم: اضرب!. . اضربه بشدة على أصابعه التي كانت تقبض على القلم!. .
وهوت الهراوة على يدي المرحوم، وكان يصرخ ويتلوى من شدة الألم، ثم حاول المقاومة لكن رأسه ارتطم بحجر فانطرح مغشياً عليه، فمسح ناكر وجهه بيده فأفاق ثانية وقال رحماكما أيها الملكان الكريمان. إنني دعوت في كتاباتي إلى حرية الإنسان، فقبحت جميع أنواع الظلم والطغيان، ونبهت في قرائي حب الفنون، وحدثتهم عن الحب، والموسيقى،