للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

صورالامبراطورية العربية الكبيرة التي يفنى فيها فيصل وابن السعود، ليعيش فيها العرب سادة أحراراً وكراماً أبراراً وأما الصورة الثانية، فهي من غازي هذا الشبل. . . صورة فيها الجرأ الذكية الرائعة، والضربة المسددة البارعة، والعزم الأبي المتدفق، والمجد الثائر الذي يريد أن يتحقق. . . صورة فيها كل مكارم الفتوة، وعزائم النبوة، وحماسة الإيمان. . . صورة هذا الشاب الذي يغضب للحق، ويثور للعرب، ويتطلع إلى المستقبل الذي يلتقون فيه في ظلال رسالتهم الخالدة لينطلقوا بها من جديد، فيحطم العقبات التي كان الأعداء يزرعونها، ويبدد الأوهام التي كانوا ينثرونها والأحلام التي يعيشون عليها، لا يبالي في ذلك إلا إرادة الوطن العربي الكبير!

صورتان من فيصل وغازي في التاريخ القريب منا نرقبهما فلا نجدهما، ونتطلع إليهما فلا نظفر بهما، ونطوي الليل لا تغمض لنا عين، ونفني النهار إفناء لا يهدأ لنا خاطر ولا ينعم لنا بال، ونعيس في جحيم القلق وسعير الترقب. . . صورتان من عظمة فيصل واندفاع غازي، نبشنا عنهما الأرض، ودرنا نسأل عنهما السماء، وطرقنا للظفر بهما كل باب. . . وكاد يعصف بنا اليأس ويتولانا القنوط أن نقع عليهما أو على إحداهما. . . لولا أن الله أراد بالعرب الخير، فإذا الصورتان، صورة العظمة، وصورة الاندفاع، صورة الحكمة، وصورة القوة، تبرزان من جديد في مثال حي عامل كريم، في مثالك أيها الملك العظيم!

إن آلافاً من الشباب الذين يتقلبون على الجمر، يقرءون حديثك السامي الذي أذنت بإذاعته، وإنهم ليحسون أن قضيتهم التي كانت تلتمس الحكمة والقوة معاً، فلا تجد إلا حكمة عاجزة أو قوة خائفة قد وجدت عندك غايتها، وحققت طلبتها، وبلغت هدفها، ولم يتجاوب الضمير العربي العام مثل هذا التجاوب الحي حين سمع: (لا بد من استخدام القوة!)

إنه يعرف ماذا يعني الملك العظيم حين يقول: (لا بد!). . . إنه يحشر فيها كل عزمات الأبطال منذ دخل العرب بيت المقدس حتى دخلها النبي. . . إنها همسة الأمان لأرواح آلاف الشهداء الذين سقوا فلسطين بدمائهم وغذوها برفاتهم، وأقاموا من أجسامهم سياجاً لها!

لقد كان العرب في حاجة إلى كلمة واحدة هي خير من عشرات الصحف، ولقد قلت يا مولاي هذه الكلمة، وسيترجمها الشعب العربي إلى عمل وعزيمة واندفاع. . . لقد كنا نأمل أن تنفرج عنها في مثل صراحتها الشفاه، فلم يكن لها غير هذه النفس الكبيرة تنهض لها في

<<  <  ج:
ص:  >  >>