ويبدو أن الحركة قد بدأت قبل هذا. ولعل الموظفين لم ينتظموا أعمالهم من أواخر مارس بعد أن تناقلت شركات البرق خاب اللورد كيرزن الذي أراد به أن يسعى بالمصريين بين أنفهم حتى يكفيه بعضهم شر بعض. . . ولكن الحركة من تأخذ سبيلها إلى أسماع العالم إلا في هذا التاريخ ريثما اجتمع كبار الموظفين لتحديد الإضراب وتنظيمه، وكتابة العرائض، والموافقة عليها، ورفعها إلى عظمة السلطان وإبلاغها الحكومة البريطانية. وكان للحركة قادة من أمثال عبد الرحمن فهمي، وأمين الرافعي، ومحمود سليمان باشا، وعبد الله سليمان أباظه، وكان من زعماء الموظفين على ماهر بك (صاحب المقام الرفيع) وحلمي عيسى بك (باشا) وزكي العرابي أفندي (باشا) وإبراهيم دسوقي أباظه أفندي (باشا) وأحمد شرف الدين أفندي (بك) والأستاذ عاطف بركات، والأستاذ حسن نشأت.
وكان للحركة معاقل سرية كان من أهمها منزل الأستاذ إبراهيم دسوقي أباظه، وعبد الهادي الجندي، ومراد الشريعي. . . وفي هذا الجو تألق اسم البطل الشهيد أحمد ماهر، ومحمود فهمي النقراشي، وظهر الخطيب المتدفق شكري كيرشاه.
وفي يوم الأربعاء ٩ إبريل صدر الأمر رقم ٢٦ لدولة رشدي باشا بتأليف وزارته الرابعة، وكانت حركة الموظفين قد بدأت بعد استقالة وزارته الثالثة، وكانت استقالته هذه من المواقف الكريمة التي أيدت وجهة النظر المصرية، وكان السيرونجت قد طلب إلى رشدي باشا أن يؤجل البت في استقالته حتى يتصل بحكومته في لندن لإقناعها بالسماح له ولعدلي باشا بالسفر إلى أوربة، ولكنه أصر على أن يسمح بالسفر لكل من يشاء من المصريين. . وقبلت الحكومة البريطانية سفر الوزيرين دون أعضاء الوفد فاعتبر هذا رشدي باشا رفضاً لمطالب الوزارة الوطنية، وأصر على استقالته. . . فلما ألف وزارته الرابعة ظن أن الموظفين سيعاونونه، ويعودون إلى أعمالهم. . . مادام الإضراب قد أعلن وأدى نتيجته؛ وكان المنشور السلطاني قد أذيع في يوم الثلاثاء ٨ إبريل بعودة النظام ورفع الحجر على سفر المصريين وإطلاق سراح زغلول، وصدقي، ومحمد محمود، وحمد الباسل.
ولكن الموظفين أصروا على الاستمرار في إضرابهم وألفوا لجنة من مندوبي الوزارات والمصالح من سبعة وخمسين عضوا.