وتعميمها ووضعها في متناول طلبة العلم وتقريبها لفهمهم كان بفضل الطبقة الثانية من المترجمين الذين كانوا قد فهموا تلك العلوم بأنفسهم فهماً جيداً. وكانت ترجمتهم واضحة يفهمها طالب العلم بسهولة، وبفضل هؤلاء وببركة دراساتهم وتحقيقاتهم العلمية وتصحيحهم للتراجم السابقة حلت المشكلات العويصة.
أما قول بعض النقاد أن التراجم لا تفهم دون مراجعة الأصل فمبالغ فيه.
يعتقد لو كلرك أن النقل المباشر من اليونانية إلى العربية حسن بصورة عامة، والكتب المترجمة بهذه الطريقة مترجمة بذكاء عظيم وقريحة وقادة وذوق سليم، غير أن النقل من العربية إلى اللاتينية، وكان يقوم به مترجمون غير ملمين باللغات، كان ناقصاً ومشوهاً، فالذين يحكمون على الترجمات العربية عن طريق ترجمتها اللاتينية قد سلكوا طريقاً خطأ. ويذكر لوكلرك مثالا حياً لهذا فيقول إن بعض أقسام القانون لابن سينا لا يفهم جيداً، أو قل لا يفهم أبداً باللاتينية؛ والسبب هو أن المترجم لم يكن يعرف العبارة العربية في الأصل، أو لم يكن يتقن اللاتينية التي ترجم إليها.