البولنديين، ولما كانت المفوضية حريصة كل الحرص على تجنب أي شائبة تشوب العلاقات الثقافية بين بولندا ومصر والعالم العربي، فإنها تنشر هذه القصة لتحيط المهتمين بالأمر بأسبقية البروفيسور كوفالسكي في هذا العمل العلمي، وهي ترجو مخلصة في أن يوفر الآخرين (كذا) الجهد والمال الذي يبذل لإنجازه بالفعل).
وأول ما يسترعي النظر في هذه القصة هو اشتغال المستشرق كوفالسكي بتصحيح قصيدة (بانت سعاد) منذ ثلاثين عاماً، وحرصه على إعلان أسبقيته في إخراجها وطبعها، مع أنها غير محتاجة إلى كل هذا الجهد، ومع أنها كما قال جورجي زيدان في آداب اللغة العربية (طبعت مراراً بمصر وأوربا وشرحها كثيرون منهم ابن دريد والتبريزي وغيرهما في العصور المختلفة إلى الآن، ومن الأصل والشروح نسخ كثيرة في مكاتب برلين ولندن والاسكوريال ومصر وغيرها).
والظاهر أن المخطوط الذي طبعه كوفالسكي هو ديوان كعب ابن زهير وفي جملته قصيدة (بانت سعاد) وأن املوفضية البولندية لم تفهم عنه تماماً، ويدل على هذا أيضاً أن النسخة التي أهداها فيشر إلى دار الكتب المصرية (والتي تقول النشرة إنها مثل نسخة كوفالكسي) هي مخطوط جامع لشعر زهير بن أبي سلمى وابنه كعب، وقد وصفه فيشر في كتابه المصاحب للمخطوط، إلى مدير دار الكتب المصرية (وكان إذ ذاك الدكتور منصور فهمي) بقوله: (يحوي هذا المخطوط القديم ديوانين من الشعر العربي القديم، أحدهما للشاعر الجاهلي الكبير زهير بن أبي سلمى والآخر لإبنه كعب بن زهير شاعر (البردة). وسبق أن قلت لكم: إن من رأيي أن هذا المخطوط القديم جدير بأن يصور تصويراً شمسياً وأن تضم النسخة المصورة إلى مجموعة المخطوطات التي بدار الكتب المصرية. كذلك جدير بأن يصدر في طبعة منقولة عن هذه النسخة المصورة. واليوم لازالت عند رأيي هذا وعلى أي حال فديوان كعب بن زهير جدير بهذا، لأنه لا يعرف له نسخة ثانية. وهذا سبب عدم نشره حتى الآن ما عدا البردة) وقد نشر هذا الكتاب في صدر (ديوان زهير بن أبي سلمى) الذي أخرجته دار الكتب المصرية والذي قالت في أول مقدمته: (هذا ديوان زهير بن أبي سلمى، وسيليه في النشر ديوان ابنه كعب. ولم يعرف شعر كعب مجموعاً في دوان قبل ذلك وسنشرع في إخراج شعر كعب عقب ظهور هذا الديوان الجامع لشعر زهير وقد