وأما مدينة (السلط) التي تبعد عن عمان نحو نصف ساعة بالسيارة، فأبنيتها أبنية المدن لا أبنية القرى، وبيوتها قائمة على ثلاثة تلال. وكان فيها حركة تجارية طيبة، لكنها انتقلت إلى عمان. وفيها مدرسة ثانوية كبيرة قائمة على ربوة شاهقة تطل على واد أغن ممرع. وفيها مسجدان، وآثار قلقة عتيقة، ويشرب أهلها من عينين فيها. ويسعون لمد الكهرباء إليها. ومواردها من كرومها التي تمشي فيها نحو ثلاث ساعات، وهي محيطة بالمدينة من كل ناحية. والعنب والزيت هما المحصولان اللذان تنتجهما هذه البلدة الجميلة، فتصدر منهما إلى كل مكان، وفي جبالها كثير من الينابيع التي تروي وديانها المكتظة بالأشجار والأثمار المختلفة. ويبلغ سكانها نحو ١٨ ألفاً جلهم متحضرون يشتغلون بالتجارة والزراعة. وكان السلط في زمن الدولة العثمانيو مركزاً للتجارة ومركزاً للحكومة. وفيها جبل يرتفع نحو ألف متر عن سطح البحر، فيه مقام للنبي يوشع، تظهر من عنده أنوار بيت المقدس.
وفي طريق الذاهب من عمان إلى القدس أغوار قريبة من البحر الميت تزرع فيها الخضر في الشتاء، ولاسيما في (الشونة) الزاخرة بحدائق الموز التي تبعث بثمراتها إلى فلسطين بلا انقطاع. وفيها تبربة صالحة لإنبات ما يخرج في أراضي البلاد الحارة. ويخترق هذه الأغوار نهر الأرن العظيم. وفي (الشونة) يقضي جلالة الملك فصل الشتاء، ويؤمها كثيرون من جهات مختلفة لدفئها. وهي منخفضة نحو ٣٠٠ متر عن سطح البحر. ولو أتيح إصلاح الري في هذه الأغوار لأفاضت على الناس من خيرتها وبركاتها ما يكفي الملايين.
وأما (اربد) فقائمة وسط سهول فسيحة، وهي في طريق المسافر من عمان إلى دمشق. وهواؤها ألطف وأبرد من هواء عمان في الصيف، إلا أن مرتفعات عمان تضاهيها في ذلك. وهي من المدن الكبيرة في شرقي الأردن. وكانت تابعة في زمن العثمانيين للواء عجلون الذي يشمل الرقة وجرس والطيبة والمزار. وحول اربد قرى فيها آثار كثيرة كقريبة (رأس قيس) وغيرها
أما (جرش) فقرية فيها جامع كبير بناه الشاميين المقيمون فيها، وجامع قديم أقامه الجركس سكان القرية الأولون، وأعظم ما فيها هي آثارها الرومانية المدهشة في الجبل. ويشرب الناس هناك من عين فيها عذبة. . .