من الحدود المنشورية؛ وهي تحيط بمنشوريا من الشرق والشمال والغرب، واليابان تحتفظ في منشوريا بقوات كبيرة وتحتل الخط الحديدي الشرقي كله، وتثبر في وجه موظفي الخط الروس كل الصعاب الممكنة وتعتقلهم من آن لآخر بتهم مختلفة على نحو ما حدث أخيراً. وقد احتجت حكومة موسكو لدى الحكومة اليابانية احتجاجاً شديداً، وطالبت بالإفراج عن رعاياها المعتقلين، ونوهت في مذكراتها بروح العداء الذي تبديه بعض المقامات اليابانية نحو روسيا، وحملت اليابان كل تبعة فيما يترتب على هذه السياسة من العواقب الخطيرة.
ومما يلفت النظر أنه في نفس الوقت الذي يتفاقم فيه النزاع بين اليابان وروسيا إلى هذا الحد، تذاع أنباء عن عقد معاهدة أو تحالف بين اليابان وبريطانيا العظمى. ولهذا الحادث إذا صح مغزى دولي خطير، ذلك أن المنافسة الصناعية والتجارية بين اليابان وإنكلترا بلغت في العهد الأخير مدى بعيداً، واستطاعت اليابان أن تنفذ بتجارتها إلى جميع الأسواق التي تسيطر عليها التجارة البريطانية، وأثارت بذلك في وجه التجارة البريطانية صعوبات فادحة. واستعملت بريطانيا كل نفوذها وسلطانها المادي لمحاربة هذا الخطر؛ فإذا صح أن التفاهم قد عاد بين البلدين، وأنهما سيؤكدان أن هذا التفاهم بمعاهدة سياسية تجارية، أو أنهما قد عقدا بالفعل مثل هذه المعاهدة، فمعنى ذلك أن نوعاً من التوازن الدولي يقوم في الشرق الأقصى، وأن اليابان قد استطاعت بعد عزلتها منذ نحو عامين على أثر حوادث منشوريا وانسحابها من عصبة الأمم، أن تجد حليفة قوية تؤازر سياستها في الشرق الأقصى ضد روسيا. والمعروف أن بريطانيا العظمى هي ألد خصوم روسيا البلشفية، وأشدهم مقاومة لسياستها، وأنها مثل اليابان تخشى دائماً من تقدم نفوذها ودعواتها الثورية في الصين، وتخشى بالأخص من دسائسها في الهند؛ على أن مثل هذا التحالف سيحمل روسيا بالطبع على التماس المعونة من جهة أخرى، والظاهر أن أمريكا هي الدولة التي يمكن أن تميل إلى محالفة روسيا على مقاومة التوسع الياباني؛ والمنافسة شديدة بين أمريكا واليابان على سيادة المحيط الهادي، وقد ظهرت خصومة أمريكا لليابان في العهد الأخير حينما احتجت غير مرة ضد توسعها في الصين وأنذرتها بسوء عواقب هذه السياسة، وظهر تصميم اليابان على تحدي أمريكا وغيرها من دول الغرب حينما أعلنت أنها ستعتبر الصين منذ الآن فصاعداً ميداناً للتوسع الياباني وحده، وأنها ستقاوم كل مجهود تبذله الدول الغربية