لاكتساب نفوذ جديد في الصين. وعلى ذلك فقد نشهد في القريب العاجل قيام هذا التوازن الخطر في الشرق الأقصى بين الدول ذات الشأن، وقد تتفاقم الحوادث بسرعة، ويضطر البلاشفة أخيراً إلى خوض حرب ما زالوا منذ بعيد يحاولون اجتنابها.
هذا ونرى مثل هذه السحب القاتمة يحلق أفق القارة الأوربية. وصحافة أوربا كلها تفيض اليوم بحديث الحرب، بعد أن كانت منذ أعوام قلائل تفيض بحديث السلام والتعاون الدولي. وقد توارت عصبة الأمم من الميدان وغاضت كل الآمال التي علقت على جهودها في تعزيز السلم؛ ولا يحجم الساسة المسئولون اليوم عن التحدث بوقوع الحرب؛ وأقرب شاهد على ذلك ما صرح به السنيور موسوليني في خطاب ألقاه أخيراً على أثر انتهاء الجيش الإيطالي من تمارينه السنوية، من (إن الشعب الإيطالي يجب أن يكون شعباً عسكرياً لأن بقاء الأمم رهين بقوتها، ومن أنه إذا لم يكن أحد في أوربا يرغب في الحرب، فإن نذير الحرب يرى مع ذلك ظاهراً في الأفق، ومن المحتمل أن تنشب الحرب في أية لحظة، فعلى إيطاليا أن تستعد لحرب اليوم لا حرب الغد؛ ولقد نشأت في أواخر شهر يوليو (يريد حوادث النمسا) حالة تشبه الحالة التي كانت عليها أوربا قبل نشوب الحرب الكبرى، فلبت إيطاليا في الحال دعوة الخطر وأرسلت جنودها إلى الحدود، وقضت بذلك على الأزمة). والسنيور موسوليني سياسي عملي، وقد كانت تلميحاته إلى الحرب تثير منذ أعوام في أوربا كلها عواصف من النقد القارص. ذلك أن أوربا كانت ما تزال يومئذ غارقة في أحلام السلام؛ وكانت الآمال معلقة على مواثيق السلام والتحكيم التي سادت الأفق الدولي حيناً، وظن المتفائلون أنها ستقضي على كثير من أسباب الاحتكاك بين الأمم؛ ولكن الأمم الأوربية تشعر اليوم أنها تعيش في جو من التشاؤم والجزع؛ وقد توالت في العامين الأخيرين أحداث سياسية خطيرة، كقيام الوطنية الاشتراكية في ألمانيا وعملها لأحياء الروح العسكري القديم، وتفاقم المشكلة النمساوية من جراء تهديد ألمانيا بالقضاء على استقلال النمسا، ونشاط السياسة الفرنسية لجمع أمم أوربا الشرقية والوسطى حولها بمعاهدات سياسية وعسكرية، وتفاهم فرنسا مع روسيا واهتمامها بمضاعفة تحوطاتها وأهباتها العسكرية رداً على نشاط ألمانيا العسكري، واهتمام إنكلترا بزيادة تسليحاتها البحرية والجوية، وتصريح المستر بلدوين زعيم حزب المحافظين الإنكليز بأن حدود إنكلترا تمتد