حتى نهر الراين؛ فهذه كلها أحداث وتطورات ترجع بأوربا إلى عهد ما قبل الحرب، وتثير في أفقها سحباً قاتمة، وتجعلها تشعر بأن تصريحات كالتي يلقيها السنيور موسوليني إنما تعبر عن الحقيقة والواقع.
والخلاصة أن خطر الحرب يجثم في الشرق والغرب معاً. والدول العظمى تعمل كلها لمضاعفة تسليحاتها وأهباتها. ولكن متى تقع الحرب، وفي أي ساحة، ومن أي جانب؟ هذه أسئلة تستحيل الإجابة عنها الآن. وكل ما يمكن قوله أن ما نراه اليوم من توتر أعصاب أوربا يجعل خطر الحرب محتمل الوقوع لأي بادرة أو احتكاك يحدوه التحرش أو سوء القصد، كما دلت عليه تطورات المسألة النمساوية، فلو لم تبادر ألمانيا بوقف تحريضاتهم الثورية وتعديل خطتاه نحو النمسا، ولو دفعت ألمانيا الجرأة إلى حد إرسال الخوارج النمساويين الذين تجندهم في أرضها إلى النمسا، لبادرت إطاليا باختراق الحدود النمساوية، ولتحركت في الحال دول الوفاق الصغير، ووقعت مصادمات يخشى أن تثير حرباً عالمية أخرى. وقد تقع الحرب نتيجة للنزاع الألماني الفرنسي أو الإيطالي الفرنسي، أو نتيجة لما بين إطاليا ويوجوسلافيا من التنافس؛ وقد تقع في الشرق الأقصى بين روسيا واليابان؛ وقد تكون ساحتها الأولى في النمسا أو في ألبانيا أو على حدود الرين. تلك احتمالات تبررها الحوادث والتطورات الجارية، ولكنها لا تخرج عن حد الاحتمالات.
لسنا من المغرقين في التفاؤل أو التشاؤم، ولكنا لا نستطيع أن نؤمن بقول مستر لويد جورج أن الحرب لا يمكن أن تقع قبل عشرة أعوام.