للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصحة أحداً؟ قلت: ولم لا؟ قال: هذه حماقة لا أرضاها لنفسي.

لم أكد أسمع منه هذا الحديث حتى يعثت فاستدعيت الزائر الذي انصرف، وكان لا يزال على مرأى منا، وقلت له على مسمع من الجالسين: أيها الأخ! إن فلاناً هذا يأسف لأنه لن يستطيع قضاء أمرك، فهو لا يعرف أحداً من أطباء الصحة.

فوقف الرجل مشدوهاً من سماع هذه الكلمات، وهو لا يكاد يصدق ما يسمع، وكأن لسان حاله يقول: ففيم إذن كانت كل هذه المقابلات؟ وانتفض صديقي انتفاضة تدل على الغضب البالغ فلقد فوجيء بما قلت. ثم التفت إليَّ يقول: هذا لا يليق بي أن تقوله. هذه إهانة لا أقبلها منك. قلت: أو ليس ما قلت حقاً؟ قال: وما كل حق يقال. قلت: ولكن هذا الرجل يجب أن يعرف إلى أين يسير؟ قال: لا شأن لك بي وبأموري. ثم مدَّ إليَّ يده وهو يقول. وداعاً، يا صديقي. فوقفت وانصرفت وأنا أقول: وداعاً لا لقاء بعده.

وأردت أن أتزوَّج، فأوصيت كل من تصلني بهم صلة أن يعنينوني في البحث عن (نصفي الثاني). ثم طرقتْ بابي ذات مساء سيدة هي مني بمنزلة الوالدة، ووجهها يطفق بشراً. وما كادت عينها تقع عليَّ حتى صاحت: أبشر يا صاح! فقد وجدت ضالتك المنشودة. إنها فتاة في ريعان الشباب ومقتبل العمر، من أسرة كريمة، وإن لم تكن غنية. قلت: وهل نقلت إليهم ما تعرفين عني؟ قالت: لقد قلت عنك كيت وكيت، وقلت إنك تملك خمسين فداناً. قلت: في أي بلد؟ قالت: لا أدري. قلت: فكيف إذن قلت ذلك وأنت تعلمين أنني لا أملك قيراطاً واحداً؟ قالت: أو لست جديراً بأن تملك هذا المقدار وأكثر منه؟ قلت: الجدارة شيء والواقع شيء آخر. وما كان لك ان تقولي غير الحقيقة.

القيت بأصهاري (الجدد) وكان استقبال بالغ الحفاوة، وترحيب لا نظير له، ثم اتفقنا على كل شيء، ولكن. . . وما أقسى لكن هذه! دار بخلدي أن هؤلاء الأصهار (الجدد) الذين سأكون واحداً منهم ليس من اللياقة أن أحبس عنهم حقيقة ثروتي، فجمعت أطراف سجاعتي (وصححت) المعلومات التي وصلتهم عني. وما كنت أدري أنني بهذا القول قد بخست في نظرهم من قدر نفسي، فلم أكد أصل منزلي، حتى لحق بي رسولي، والغضب باد على وجهه، وهو يصيح في وجهي: لقد أفسدت كل شيء! قلت: ماذا؟ قال: ما لك وللحديث عن أطيانك؟ لماذا لا تتركهم في ضلالتهم؟ لقد اعتذروا من عدم قبولك صهراً لهم، وفهمت أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>