للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السبب هو أنك قلت لهم إنك لا تملك شيئاً. أو ما كان الأحرى أن تموه عليهم حتى ينتهي كل شيء؟ قلت: لا أستطيع. وإياك أن تفعلي هذا مرة ثانية. قالت: إذن فأعفني من هذه المهمة ووداعاً يا صديقي! قلت: وداعاً

وكنت ذات يوم منهمكاً في عملي، وقد قدرت للفراغ منه ساعة من زمان، وإذا بزميل لي يقتحم عليَّ الباب، والبشر يطفح من وجهه، ويقطع عليَّ سلسلة أفكاري، وهو يدندن بألفاظ لم أفهم لها معنى. ثم قال: أما تهنئني؟ قلت: بلى، ماذا أصبت؟ قال: كنت مع المدير الآن أحمل إليه (توصية) من فلان باشا وقد وعدني بترقيتي في الشهر القادم. قلت: ولكننا لا زلنا على بعد ستة أشهر من الميزانية الجديدة؟ قال: وما شأن الميزانية الجديدة الآن؟ قلت: لأن الترقية إنما تكون على درجات خالية وقد استنفدت المصلحة في ترقياتها الأخيرة جميع ما لديها من درجات. قال: كيف، وقد وعدني بما قلت لك؟ قلت: لقد خدعك. قال: هذا محال؛ وخير لك أن تبشر ولا تنفر. قلت: لقد أعذر من أنذر. قال: لا، إنك تسعي بقولك هذا في تثبيط همتي، ولا تود لي خيراً؛ إن المدير لا يكذب. قلت: شأنك وما تريد. قال: الآن قد كشفت ما تنطوي عليه نفسك من حسد لي، وحقد علي، وكان أولى بك أن تفرح لفرحي. قلت: لو أن هناك ما يستحق الفرح. فانفلت زميلي من الغرفة حانقاً ولم أعد أرى وجهه. ثم مضى شهر أعقبه شهر آخر، ثم تلته شهور أخرى وصاحبي لا يزال ينتظر الترقية الموعودة. ولكن هذا لم يحل دون تجنبه إياي، ونشره بين زملائي أن فلاناً يكره الخير للناس، ثم روايته القصة بصوره تؤيد ادعاءه. وما أقل المحققين للأخبار!

دكتور

عبد العزيز برهام

<<  <  ج:
ص:  >  >>