شيئاً سوى مداواة العلل والأمراض التي تكون بالأدوية والتدبير ولم يذكر العلاج الذي يكون باليد، وترك أشياء كثيرة من العلل ولم يذكرها من ذلك أنه ترك من علل الدماغ ذكر العلل المعروفة بالطرب والعشق والاسترخاء الحادث عن القولنج ولم يذكر في علاج العين مداواة النتوء على ما ينبغي ولم يذكر علاج السرطان في العين وغير ذلك من علل الأجفان.
وأما مسيح فإنه وضع كتاباً نحا فيه النحو الذي نحاه هرون في قلة شرح الأمور الطبيعية والأمور التي ليست بطبيعية مع سوء ترتيبه لما وضعه في كتابه من العلم وقلة معرفته بتصنيف الكتب.
وأما محمد بن زكريا الرازي فإنه وضع كتابه المعروف بالمنصوري وذكر فيه جملا وجوامع من صناعة الطب ولم يغفل عن ذكر شيء مما يحتاج إليه، إلا أنه لم يستقص شرح ما ذكره لكنه استعمل فيه الإيجاز والاختصار وهذا كان غرضه وقصده فيه؛ فأما كتابه المعروف بالحاوي فوجدته قد ذكر فيه جميع ما يحتاج إليه المتطببون من حفظ الصحة ومداواة الأمراض والعلل التي تكون بالتدبير بالأدوية والأغذية وعلاماتها، ولم يغفل عن ذكر شيء مما يحتاج إليه الطالب لهذه الصناعة من تدبير الأمراض والعلل؛ غير أنه لم يذكر فيه شيئاً من الأمور الطبيعية كعلم الاستقصات والأمزجة والأخلاط وتشريح الأعضاء ولا العلاج باليد ولا ذكر ما ذكره من ذلك على ترتيب ونظام ولا على وجه من وجوه التعاليم ولاجزاه بالمقالات والفصول والأبواب. والذي يقع لي من أمره وأنو همه على ما يوجبه القياس من علمه ومعرفته لصناعة الطب وتصنيف الكتب وفهمه في هذا الكتاب إحدى الحالتين: إما أن يكون وضعه وذكر فيها ما ذكر من جميع علم الطب ليكون تذكرة له خاصة يرجع إليه فيما يحتاج من حفظ الصحة ومداواة الأمراض عند الشيخوخة ووقت الهرم أو النسيان أو خوفاً من آفة تعرض لكتبه فيعتاض منها بهذا الكتاب، وكذلك لكثرة تجريده التأليف من التعظيم، وإما أن ينتفع الناس به ويكون له ذكر حسن من بعده، فعلق جميع ما ذكره فيه تعليقاً ليعود فيه فينظمه ويرتبه ويضيف كل نوع منه إلى ما يشاكله ويثبته في بابه على ما يليق بمعرفته لهذه الصناعة فيكون الكتاب بذلك كاملا تاماً فعاقه عن ذلك عوائق وجاءه الموت قبل إتمامه؛ فإن كان إنما قصد به هذا الباب فقد طول فيه الكلام