للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

جميع الأطباء الكبار الذين سبقوه.

نراه يقول في المقدمة المذكورة:

فأما أبقراط الذي كان أمام هذه الصناعة وأول من دونها في الكتب فقد وضع كتباً كثيرة في كل نوع من أنواع هذا العلم، منها كتاب واحد جامع لكثير مما يحتاج إليه طالب هذه الصناعة ضرورة، وهذا الكتاب هو كتاب الفصول، وقد يسهل جمع هذه الكتب حتى تصير كتاباً واحداً حاوياً لجميع ما قد يحتاج إليه في بلوغ غاية هذه الصناعة، إلا أنه استعمل فيه كسائر كتبه الإيجاز حتى صارت معان كثيرة من كلامه غامضة يحتاج القارئ لها إلى تفسير، وأما جالينوس المقدم المفضل في هذه الصناعة فإنه وضع كتباً كل واحد منها مفرد في نوع من أنواع هذا العلم وطول الكلام فيه وكرره لما احتاج إليه من الاستقصاء في الشرح وإقامة البراهين والرد على من عاند الحق وسلك سبيل المغالطين، ولم أجد له كتاباً واحداً يصف فيه ما يحتاج إليه في درك هذه الصناعة وبلوغ الغرض المقصود إليه منها للسبب الذي ذكرته آنفاً.

وقد وضع أورنياسيوس كتباً وكذلك فولس الأجنطي ورام كل واحد منهما أن يبين في كتابه جميع ما يحتاج إليه، فوجدت أوربناسيوس قد قصر في كتابه الصغير الذي وضعه لابنه (أوناقس) وإلى عوام الناس، فلم يذكر في الكتاب الذي وضعه لابنه (اسطات) في تسع مقالات فإنه لم يذكر فيه شيئاً من الأمور الطبيعية التي هي الاستقصات من الأمزجة والأخلاط والأعضاء والقوى والأفعال والأرواح إلا اليسير، ولم يذكر في هذين الكتابين شيئاً من العمل باليد؛ فأما كتابه الكبير الذي وضعه في سبعين مقالة فلم أجد فيه إلا مقالة واحدة فيها ذكر تشريح الأعضاء. وأما فولس فلم يذكر في كتابه من الأمور الطبيعية إلا اليسير. وأما أمر الأسباب والعلاقات وسائر أنواع المداواة والعلاج باليد فقد بالغ في بيانه؛ إلا أنه لم يذكر ما ذكره في كتابه على طريق من طرق التعليم. وأما المحدثون فلم أجد لأحد منهم كتاباً يصف فيه جميع ما يحتاج إليه في مداواة الأمراض والعلل وأسبابها وعلاماتها وما سوى ذلك فذكره على جهة الإيجاز من غير شرح واضح؛ ومع ذلك فإن ترجمته ترجمة سوء رديئة تعمي على القارئ له كثيراً من المعاني التي قصد إلى شرحها ولاسيما من لم ينظر في ترجمة حنين وأشباهه. وأما يوحنا بن سرابيون فإنه وضع كتاباً يذكر فيه

<<  <  ج:
ص:  >  >>