للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حاجتهم، وسنعطيهم وفي اللواحق ما يصلح لهم زيادة على ما أخذوه، وعلى كل حال فالاستعانة بالله وحده).

ويظهر لنا من هذه المقدمة الفرق الشاسع بين المترجمين ومتتبعي فلسفة اليونان الذين كانوا يتلقون آراء فلاسفة اليونان في جميع الأحوال بأحسن قبول ويعتبرون عقولهم منتهى ما يصل إليه العقل، وبين الحكماء أصحاب الرأي والنظر من المتأخرين أمثال ابن سينا ممن لم يكونوا يرون في عقول فلاسفة اليونان أقصى ما يبلغه العقل البشري ولم يكونوا يتقبلون آراءهم كحقائق لا تقبل الشك والجدل.

كان يرى الشيخ الرئيس أن فلسفة أرسطو تعتبر كاملة لزمان أرسطو فحسب، وأن للأجيال القادمة أن تبدي فيها رأيها تنقدها وتصحح ما تراه فيها من الخطأ كما كانت نظرة الرازي لأراء جالينوس في الطب.

وهناك أمر آخر أرى من المناسب أن أشير إليه وهو أن ابن سينا لم يقتصر في كتابه (الشفاء) وهو عن فلسفة المشائين - على نقل ما وصله من أقوال أرسطو عن طريق التراجم بل أنه (أي كتاب الشفاء) هو حاصل ما فهمه هو نفسه من فلسفة أرسطو

اتصل أبو عبيد الجوزجاني تلميذ الشيخ وصاحبه وجامع أكثر كتبه بابن سينا في جرجان وصاحبه حتى آخر أيام حياته أي ما يقارب خمسة وعشرين عاماً ولازمه في كل حال وكل مكان لم ينفك عنه في سفر أو حضر، وكان الراوي الثقة الذي نقل إلينا تاريخ حياة الشيخ.

يقول أبو عبيد هذا في شرح أحوال الشيخ: (ثم سألته أنا شرح كتب أرسطو طاليس فذكر أنه لا فراغ له إلى ذلك القوت، وقال ولكن إن رضيت مني بتصنيف كتاب أورد فيه ما صح عندي من هذه العلوم بلا مناظرة مع المخالفين ولا اشتغال بالرد عليهم، فعلت ذلك، فرضيت به.

وكان بعد محمد بن زكريا الرازي وقبل زمن الشيخ الرئيس ابن سينا طبيب آخر وهو علي بن العباس المجوسي الأهوازي، وكان تلميذاً لأبي ماهر موسى بن سبار المجوسي وله كتاب جامع في الطب اسمه (كامل الصناعة الطبية) ألفه وقدمه لعضد الدولة الدبلمي الملقب بشاهنشاه أو ملك الملوك. وكان طبيبه الخاص ومن هنا سمي الكتاب بالملكي.

ينتقد علي بن العباس في مقدمة مؤلفه هذا - وهو من الآثار الخالدة في الطب الإسلامي،

<<  <  ج:
ص:  >  >>