قررت لكم ملكية الأرض التي كنتم تستغلونها تقريراً قاطعاً مستمراً، وأجللت مقام كبرائكم مع احترام دينكم، ورغبتي أن أزيد في رفاهيتكم وأن أشرككم في حكم الوطن، أكثر مما أنتم عليه الآن، كما أرغب في مساهمتكم في أنواع خيرات التمدن. لكن ذلك مقرون بشرط طاعتكم واحترامكم لمن ينوب عني في الحكم وأخبروا إخوانكم المغرورين بأن استمرار سعيهم بعدم الطاعة سيعود بالخسران عليهم، فالمليونان من العرب لا يقدرون على معاندة أربعين مليونا من الفرنسيين. وحيث تحققتم بأني سلطان عليكم فاعلموا أني محام لكم، وأن كل من عاش طائعاً في ظل حكمنا فله حق المساواة، واذكروا أنكم منتسبون إلينا إذ كنتم منذ عشرة أعوام أحرزتم نصراً مع جنودنا، ووقف أولادكم إلى جنب أبنائنا في المعارك التي وقعت في القرم وإيطالية والصين والمكسيك، ولا تنحل الرابطة التي تقع في ساحات الحرب. وقد رأيتم قوتنا وما نفعله بعدونا عند عدوانه، وما نبذله من مودتنا حين تودده. فاعتمدوا معشر العرب على الدولة الفرنسية لأن شؤونكم وشؤونها متحدة، ومن يهدي الله فهو المهتد، كما في القرآن.
انتهى من (جريدة المؤيد) بتاريخ ١٣ أكتوبر ١٩٩١.
من شئون الحرب في الإسلام:
وفي حصار العرب لدمشق ولد للبطريق الذي على دمشق ولد فدعا قومه فأكلوا وشربوا وتركوا مواقفهم الحربية، ولم يعلم سوى خالد فإنه كان لا ينام ولا ينيم ولا تخفى عليه من أمور الروم خافية، وكان قد اتخذ حبالا كهيئة السلم، فلما أمسى ذلك اليوم نهض مع بعض رجاله وقال للجند: إذا سمعتهم تكبيراً على السور فاصعدوا إلينا واقصدوا الباب. فلما وصل مع رجاله إلى السور ألقوا الحبال فصعد عليها الرجال، وكان المكان الذي صعدوا إليه أحصن موضع بدمشق وأكثره ماء، ثم استوى على دمشق.
وفي وقعة أجنادين بعث قائد الروم من يأتيه بأخبار المسلمين، فلما دعا قال (بالليل رهبان، وفي النهار فرسان، ولو سرق ابن ملكهم قطعوه، ولو زنى رجم، لإقامة الحق فيهم) فقال القائد إن كنت صدقني لبطن الأرض خير من لقاء هؤلاء على ظهرها.
وفي فتح القادسية ظل رستم قائد الفرس مدة يعرض على قومه مصالحة المسلمين فلم يقبلوا، فنصب سريره ورتب جنده، وجعل أمامه الفيلة، كما أن يزدجرد وضع جنداً بين