المدائن والقادسية لتأتيه بالأخبار. أما سعد بن أبي وقاص فقد كان به دماميل لا يستطيع الجلوس بسببها، فاختص قصراً له ثم عبأ الجند وحثهم على القتال. ثم التحم الجيشان، وارتجز الشعراء، فاشتد عواء الفيلة وأجفالها، ثم انكسر الفرس وأسر هرمز من ملوكهم، ووقعت الصناديق عن الفيلة، وكانت سبعين فيلا وهلك من عليها، ثم أعادوها في ثالث يوم فدمروا أيضاً. ثم هبت ريح قلبت سرير رستم فقام يستظل بظل بغل فضربه هلال بن علقمة فقتله، وطيف برأسه، فتفرق الفرس وأخذ العرب رايتهم الكبرى، وكان عدد قتلى العرب في هذه الوقعة نحو ثمانية آلاف، وعدد قتلى الفرس زهاء ثلاثين ألفا. وبسبها سقطت بلاد العراق في يد العرب حياهم الله.
الطلاق الثلاث بلفظ واحد:
في ص ٥٧١ من عدد (الرسالة) ٦٧٦ (لقد كان الطلاق الثلاث بلفظ واحد يقع طلقة واحدة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وخلافة أبي بكر، وفي صدر خلافة عمر، ولكن الناس خالفوا ذلك فأوقعوه ثلاثا فأمضاه عمر عليهم عقوبة لهم، وأخذ الأئمة الأربعة بحكم عمر في ذلك). . .
وفي سنن البيهقي وعند الطبراني وغيرهم بأسانيدهم: كانت عائشة بنت الفضل عند الحسن بن علي، فلما بويع بالخلافة هنأته، فقال الحسن: أتظهرين الشماتة بأمير المؤمنين، وأنت طالق ثلاثا - ومتعها بعشرة آلاف - ثم قال لولا أني سمعت جدي رسول الله عليه الصلاة والسلام، أو سمعت أبي يحدث عن جدي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا عند الإقراء أو طلقها ثلاثا مبهمة لم تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، لراجعتها وإسناده صحيح.
ومن الدليل على وقوع الثلاث بلفظ واحد في عهد النبي عليه الصلاة والسلام حديث الملاعنة المخرج في صحيح البخاري، حيث قال عويمر العجلاني في مجلس الملاعنة: كذبت عليها إن أمسكتها يا رسول الله، فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يرد في رواية ما أنه عليه الصلاة والسلام أنكر عليه ذلك، فدل على وقوع الثلاث مجموعة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن ليدع الناس يفهمون وقوع الثالث بلفظ واحد لو لم يكن هذا الفهم صحيحاً. قال ابن حزم: لولا وقوع الثلاث مجموعة