للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قومي يا سيدتي ورفهي عن نفسك فلكل بداية نهاية، ولابد لحقك أن ينتصر اليوم أو غداً. لأن الألم الذي تعاني لم يحترق بمثل ناره قلب من قبل، والدمع الذي ينهمر من عينيك الغائرتين على وجهك الشاحب لم تدانه في حرارته ما سكبته عيون الشقاء منذ ولادته. . .

للمريض آلام وللفقير آلام، للمتعب آلام وللضعيف آلام، للغريب آلام وللطريد آلام. . . وآلامك أنت أيتها الشقية المظلومة تسمو على كل ألم. فيجب أن تسمو نفسك بقدر سموها.

ويجب أن ترفعي رأسك فوق الطوفان الذي يغمرك، وليكن مثلك في ذلك مثل الحادي وراء الإبل يقطع الفيافي على قدميه، وقد أمضه التعب وأضناه الجوع وعضه الفقر، وهو يغنى أنشودة الحياة والحب والفرح. . .

في بكائك المتواصل (قولي ما يقوله الفلاحون عن غيث السماء: هذا المطر كله حنطة). . .

في ظلامك الدامس تطلعي إلى الخيوط الرفيعة البيضاء التي تتراءى لك من وراء الأفق، وارفعي نحوها بصرك. . .

قومي يا سيدتي. ولا تجعلي للألم سلطاناً على نفسك. فقد فعلت بك العلة فعلها. . وارحمي طفلك الذي هوى على صدرك ليمزج أنات قلبه بدقات قلبك. . قومي يا سيدتي وهات يدك. . .

قلت هذا بجوار سريرها. . ثم مددت يدي إلى يدها. فإذا بها باردة!. . .

يا لشقاء نفسي!. لقد كنت بكلماتي الأخيرة أخاطب الأرواح الحائمة حولي. . في استطاعة المرء أن يذكر كل ما يجول بخاطره، ولكنه ليس في استطاعته أن يقول كل ما يبدو لناظره.

أيها الرجل. . . لقد ماتت تلك المرأة!

إسكندرية

جورج وغريس

<<  <  ج:
ص:  >  >>