السلك تقام له حفلة يشهدها إخوانه الفتيان ويلبس سراويل الفتوة ويشرب كأس الفتوة. وكانوا يرمون البندق وهو كرات تصنع من الطين أو الحجارة أو الرصاص أو غيرها؛ وكانوا يرمون البندق عن الأقواس كما يرمون النبال. وكان رماة البندق في العصر العباسي طائفة كبيرة يخرجون إلى ضواحي المدن ويتسابقون في رميه على الطير، ويعدون ذلك من الفتوة. وفي خلافة الناصر لدين الله العباسي المتوفي سنة ٦٢٧هـ أقبل الناس على رمي البندق وتربية الحمام لأن الخليفة نفسه كان كبير فتيان زمانه، ورغب في هذين الفنين. وقد بلغ من رغبته في ذلك أن جعل رمي البندق فنا لا يتعاطاه إلا الذين يشربون كأس الفتوة ويلبسون سراويلها على أن يكون بينهم روابط وثيقة على نحو ما عند بعض الجمعيات السرية. ثم تفننوا في رمي البندق بالمزاريق أو الأنابيب بضغط الهواء من مؤخر الأنبوب بما يشبه أنابيب البنادق، فلما اخترعوا البارود صاروا يرمون البندق به من تلك الأنابيب وسموا هذه الآلة بندقية نسبة إليه).