للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقال ابن هرمة:

قد يدرك الشرف الفتى ورداؤه ... خلق وجيب قميصه مرقوع

ونقل عن ابن بري أن الفتى هو الكريم.

غير أن شارح (القاموس) يقول في كتابه (تارج العروس) والفتوة الكرم والسخاء، هذا لغة؛ وفي عرف أهل التحقيق أن يؤثر الخلق على نفسه بالدنيا والآخرة. وصاحب الفتوة يقال له الفتى ومنه لا فتى إلا علي وقول الشاعر.

فإن (فتى الفتيان) من راح واغتدى ... لضر عدو أو لنفع صديق

وعبر عنها في الشريعة بمكارم الأخلاق. قال ولم يجئ لفظ الفتوة في الكتاب والسنة وإنما جاء في كلام السلف. وأقدم من تكلم فيها جعفر الصادق ثم الفضيل ثم الإمام أحمد وسهل والجنيد، ولهم في التعبير عنها ألفاظ مختلفة والمآل واجد. ويقال هو فتى بين الفتوة وقد تفتى وتفاتى نقله الجوهري، وفتوتهم أفتوهم غلبتهم فيها أي (الفتوة). وبعد فها أنت تجد صاحب تاج العروس يعزو الفتوة إلى الأمام جعفر الصادق وقد كان في صدر الدولة العباسية وإليه أيضا ينسب علم الكيمياء. وقد وجدت في (مجمع البحرين) للطويحي (والفتى أيضا السخي الكريم وفي الحديث تذاكرنا عند الصادق أمر الفتوة فقال أتظنون أن الفتوة بالفسق والفجور؟ إنما الفتوة والمروءة طعام موضوع، ونائل مبذول، إلى أن قال وأما تلك فشطارة الخ) والشطارة الخبث، والشاطر هو الذي أعيا أهله خبثا. وقد مدح الغزالي الفتوة في إحياء العلوم وذكر بعض المؤرخين أنه كان في أسيا الصغرى جميعات أخوية تتبع نظام الفتوت وتكرم الغرباء وتساعد الفقراء ولها زوايا وألبسة وتقاليد خاصة، وإنها من تقاليد المسلمين القديمة النافعة التي أضعناها؛ فلو أننا احتفظنا بها مع تحسينها لكانت لنا خيرا من الكشافة.

وذكرت الفتوة في (دائرة معارف الإسلام) وقالوا إن للفتوة مبادئ أخلاقية سامية منها تضحية النزعات الفردية في سبيل الصالح العام.

وذكرأحد مؤرخي الحضارة الإسلامية أن الفتوة كانت في العصر العباسي نظاما له صبغة دينية. ومن صفات الفتيان الشجاعة والكرم ومساعدة الغير وللفتوة نظام خاص وألبسة خاصة ولباس الفتوة الخاص سراويل عليها صورة كأس؛ فإذا أراد أحد الانخراط في هذا

<<  <  ج:
ص:  >  >>