الاستعداد للعمل، فقد يرسل غلالاً لا حصر لها إلى السوق. وليس في الإمكان وقف هذه الحركة متى رغبنا، لأن رأس المال ثابت لا يمكن سحبه بأي حال من الأحوال. تتدهور الأسعار تبعاً لذلك، وتفلس أكثر المشروعات، أو تستسلم للأمر، حتى تتصرف الزيادة بزيادة الاستهلاك نظراً لتدهور الأسعار.
والاقتصاديون يعتبرون أن قلة الإنتاج ليست سبباً من أسباب الأزمات أو ظاهرة من ظواهرها: فلماذا؟ ألا يضطرب الميزان الاقتصادي بقلة الإنتاج كما يضطرب بزيادته؟ بالرغم مما تحدثه قلة الإنتاج من البؤس والفناء والموت، وبالرغم من القحط والمجاعات التي سجلتها الحوادث المخيفة والشهيرة في تاريخ الشعوب كلها؛ فإن الاقتصاديين لم يجمعوا الآراء على أن القحط والمجاعات نوع من أنواع الأزمات، إذ ليس من خواصها التناوب، ولا ارتفاع الأسعار قبلها، ولا هبوطها بعدها.
أما علاج الأزمة: فيقف على نوع الأسباب التي أدت إليها. فإذا اعتقدنا أن السبب هو زيادة الإنتاج، وجب علينا أن نعمل على تحديد ذلك الإنتاج، فيمكننا توحيد الشركات وتضامنها، وتنظيم إنتاجها لنتمكن من منع زيادة الأسعار المطردة وهبوطها أيضاً؛ ويمكننا إيجاد حركة تعاون بين الشركات لتنظيم حركة الإنتاج تبعاً للحاجات لا تبعاً للأرباح.
ولو اعتبرنا أن سبب الأزمة هو أن طبقة العمال ليس لديها من الثروة ما يعينها على زيادة الاستهلاك كلما زاد الإنتاج، كان من الضروري أن نبحث عن نظام يضمن للعامل نجاح كل ما ينتجه.
وإذا نظرنا إلى زيادة الرأسمالية، وجب أن نلجأ إلى المصارف إذ هي أكبر عضد لمساعدة الشركات وإمدادها بالأموال. قد تتدخل المصارف، إما برفع سعر القطع لديون الآجال المحدودة، إذا رأت أن سرعة التداول تزداد إلى درجة مقلقة، وإما بإنقاذ البيوت الكبيرة الوشيكة السقوط والضياع، إذا كان لسقوطها الأثر الفعال في إحداث الاضطراب وشل الحركة التجارية.
والأزمة الناشئة عن زيادة الرأسمالية تزداد وتشتد وطأتها بسبب الذعر والتشاؤم الاقتصادي. والتنبؤ بالأزمة يزيد الخطر ويعوقنا عن العمل على تلافيها، فما أجدرنا ألا نعتقد ذلك، فالخوف من الشر يولد الشر، والتفاؤل بالخبر يجلب الخير.