ومؤلفه (الميكانيكا السماوية فهنأه الأمبراطور على اجتهاده وقال له مندهشا مستفسراً (أراك لم تذكر شيئا عن الخالق ولم تمجده في جليل صنعه!!) فأجابه لابلاس على الفور (ما كنت يا مولاي في حاجة إلى مثل هذا الغرض) ,
من هنا يتبين لنا الفرق الشاسع بين المسيحية في ذلك الوقت وبين الإسلام فيما يتعلق بتسامحه وسعة صدره إزاء العلماء والفلاسفة الذين لم يلاقوا من رجال الدين تعنتا ولا اضطهادا إلا القليل بل كانوا على العكس محل احترام وإعجاب الكثيرين كما رعاهم الملوك والأمراء ورغما عما أدعاه كذباً وتمويها للحق بعض المؤرخين الغربيين بأن العرب عندما دخلوا الاسكندرية في القرن السابع حرقوا كنوز العلم والفلسفة والفنون من مخلفات الأغريق التي كانت تعج بها مكتبتها الفريدة وتكتظ بها في ذلك الحين؛ غير أن بعض المنصفين من مؤرخهم نفوا تلك التهمة وبرءوا العرب من جناية لم يرتكبوها، وأثبتوا بأن الرومان وحدهم لما دخلوا الإسكندرية في القرن الأول قبل الميلاد هم الذين بددوا تلك الكنوز وعبثوا بنفائسها.
ذكرنا فيما تقدم بأن عهد النهضة العلمية كان حقا العصر الذهبي خطت فيه العلوم والمعارف الإنسانية خطوات واسعة كما تحرر فيه العقل البشري - لحد كبير - من ربقة القيود التي كبلته حينا من الدهر.
تقدم علم الكيمياء والطبيعة والرياضيات والفلك منذ ذلك الحين، وما زالت في تقدم مطرد - تقدما غير وجه الأرض وما عليها وكانت نتيجة ذلك حضارتنا الراهنة التي هي وليدة تطبيق تلك العلوم.
وقد نهض الإنسان بعلمي الطبيعة والكيمياء إلى درجة مكنته من تحطيم الذرة واستخذام القوة الهائلة الناتجة عن ذلك.
قوة - كما يقول علماؤها - إذا سخرت في الصناعة أغنته عن الفحم والبترول وغير ذلك من المواد الخام اللازمة لتوليد القوة وأعطته من الإنتاج أضعافا مضاعفة لما تأتى به تلك المواد، كما أنها إذا استخدمت أداة للحرب والشر عصفت بالعالم ومن عليه وما عليه وجعلته قاعا صفصفا وعليفا مأكولا.
غير أن علم الحياة لم يخط كما خطت تلك العلوم وذلك لتعقيده ووعورة مسلكه شأن كل ما