للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ملخصها:

المادة - في اعتقاده - شئ قائم بنفسه له خصائص ومميزات بواسطتها نصل إلى معرفة المادة. أما المادة ككائن - حي أو غير حي - فهذا ما نجهله وهو سر المادة نفسها، ويقصد بذلك المادة الكبرى أي الإله.

الإله - هو المادة والكائن اللانهائي، ولكنه ليس يخالق الكون، وما نسميه بالمخلوقات ما هي في الواقع إلا أنواع مختلفة ومحدودة لمادة لا حد لها ولا نهاية هي مادة الله.

أما الروح فهي في نظره جزء من الجسم وفي وحدة معه، وهي الجزء العاقل الحساس، ورغما عن هذه الوحدة فالروح لا تؤثر على الجسم تأثيرا مباشرا كما أن الجسم لا يكون له مثل هذا التأثير المباشر على الروح، وإنما هناك تحدث تغييرات وانفعالات في الجسم يقابلها ما يشابه ذلك في الروح في نظام وتناسق تام.

ومن أكبر الروحانيين المثاليين في منتصف القرن التاسع عشر، نذكر الفيلسوف (أوجست كمت) مؤسس الفلسفة الإيجابية وهي خليط من الدين والفلسفة والسياسة والاجتماع.

يرى (كمت) أن الثقافة الفكرية يجب أن تكوم مؤسسة على دعائم قوية من الدين والمتافزيقيا والفلسفة الإيجابية، كما أنه يرى من الأجدى لعلماء الطبيعة أن يكتفوا فقط بوضع قوانين لعلومهم ويصفوا ما يشاهدونه من ظاهراتها وما بين ذلك من تشابه وتنافر بدلا من التعمق في معرفة الأسباب والقوة الخفية المؤدية لذلك والتي تدق عن إدراكهم في معظم الأحيان؛ لأن مثل هذا العمق فضلا عن عقمه - يوقع في الحيرة والشك - وهما يفضيان إلى المادية والسلبية.

والخلاصة كما يقول كمت هي أن العقل البشري مهما سما واتسعت مداركه لا يمكنه أن يصل إلى معرفة الكثير من الأسرار والقوى الخفية في هذا الكون؛ ولا يقصد بذلك أن هذا العجز يجب أن يشل من تفكيره ويوقعه في اليأس والاستسلام بل على الإنسان أن يكثر من التأمل ويجد في التفكير وإلا يكون أخفاقة - كما هو الحال مع بعض الفلاسفة والعلماء - سببا لتبرمه بالخالق ونكرانه له. ولنتأمل في قول الخالق نفسه: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) وكما يقول الفيلسوف الإنجليزي (هربرت اسبنسر): (من درس الطبيعة دراسة مستعجلة سطحية أغوته وقادته إلى الشيطان، ومن درسها بتعمق وروية سمت به وأوصلته

<<  <  ج:
ص:  >  >>