في الجماد، وفي الإنسان اشد مما هي في الحيوان. وكلما كان الإنسان قوياً سليماً كانت قوة الإشعاع عنده اكبر، وما الأمراض إلا اضطرابات يعتري توازن تلك المغناطيسية في الإنسان، كما أن لبعض الناس المقدرة - بواسطة اللمس - على أن يعيدوا توازن مغناطيسية المريض ومن ثم يحدث الشفاء.
وقد سادت نظرية المغناطيسية العام اكثر من نصف قرن، وكانت تستعمل في التنويم وفي علاج بعض الأمراض. وظهر من بعد (مزمر)(لافونتين) الذي نسج على منوال مزمر إلى أن جاء في سنة ١٨٤١ الطبيب الإنجليزي (بريد) وحضر ذات يوم جلسة خاصة بعمليات المغناطيسية التي يقوم بها (لافونتين) فقام (بريد) بدوره بعدة عمليات ووصل إلى نتائج مشابهة مع انه لم يستخدم الطرق التي استعملها لافونتين، أنكر في الوقت نفسه وجود السائل المغناطيسي والمغناطيسية الحيوانية التي كان يعتقد فيها من سبقوه كمزمر ولافونتين، والتي سادت العام مدة طويلة. وسمى بريد تلك الظاهرة بالنوم وطريقة الحصول عليها (بالتنويم) واعتنق مذهب بريد كل المشتغلين بعلم النفس والو حانيات في ذلك الحين، كما أقرته الجامعات رسمياً أدخلته دراسته في كليات طبها ولاسيما في باريس.
ثم جاء العلم الفرنسي الأستاذ الفاضل (شاركو) ومساعده الأستاذ (بيبرتر) في كلية الطب بباريس ومستشفى (السالبتريير) الخاص بالأمراض العصبية، كما أن شاركو ومدرسته استعملوا ظاهرة التنويم في الكثير من مرضاهم واستعانوا بها في العلاج وخاصة لمن كان مصاباً بالهستريا والصرع وفي بعض الأمراض العصبية والذهنية الأخرى.
وقد برزت في الميدان مدرسة (نانسي) بفرنسا تزاحم مدرسة باريس وكان على رأسها الأستاذ (ليوبول) الذي خطأ بهذا النوع من الدراسات النفسية خطوات واضحة ودعمه بأسس ثابتة متينة كما طبعه بطابع علمي واثبت أن التنويم ما هو إلا وليد الإيحاء المباشر وهو ما سماه (بالتنويم النفسي) ليميزه بذلك عن تنويم شاركو (الحسي) أي الذي يؤتي به عن طريق الحواس مثل البصر والسمع واللمس.
والإيحاء كما يعرفه (برنهايم) وهو عبارة عن ظاهرة نفسية يوحي للإنسان بفكرة أو رأي يقبله عقله فيستولي على نفسه ومشاعره. ولكي نعطي القارئ فكرة أوضح نقول أن النشاط النفسي (البسيوكولوجي) يشمل عاملين مختلفين متضادين هما عامل (الشعور أو الوعي،