(اللاشعور) - فالأول هو عامل التفكير والتمييز والكم على الناس والأشياء، وهو طوعي إرادي يتغلب على الثاني في حالة الصحو، وأما الثاني أي اللاشعور فهو آلي غير أداري، وهو أداة للحب والهوى ومكمن للعواطف والمخاوف والخيال والذاكرة.
أما اثر الأحياء في النشاط البسيولكوجي أي في الشعور واللاشعور فهو أضعاف الأول وشل نشاطه مع أيقاظ الثاني أثارته لأكبر درجة ممكنة. وهذا ما يحدث تماماً في النوم العادي الطبيعي إذ يضعف الشعور رويداً رويدا حتى إذا ما وصل النائم إلى سبات عميق زال اثر الشعور بتاتاً، أما اللاشعور فيكون في هذه الحالة في حالة نشاط عظيم ويقظة تامة.
وإثارة الإحياء ومداه والانتفاع من ذلك من العلاج، كل ذلك يتوقف على عوامل كثيرة من جانب الموحى والموحى اليه، فيجب على الأول أن يكون ملماً بأوليات علم النفس، كما يجب أن يكون بارز الشخصية قوي الإرادة صبوراً، كما يتوقف على مبلغ حساسية الموحى إليه واعتقاده بل ثقته بمقدرة الموحى. ويتفاوت الناس بدرجة الحساسية. وكان (شاركو) يعتقد بان مرضى الهستيريا والعصاب والذهان هم الذين يسهل تنويمهم. والواقع انهم اشد حساسية من غيرهم. وان كان الأصحاء - إذا توفرت في الموحي والموحى إليه الشروط المذكورة - قلما يخرجون عن محيط سلطانه ويقيمون تحت براثنه.
أما تطبيق هذه الظاهرات على العلاج فقد اهتدى الإنسان إليه بالسليقة منذ عصور عريقة في القدم، ومازالت تلك الطرق بدائية لدى الشعوب البدائية مثل التمائم والتعاويذ لجلب النفع ودفع الأذى وقضاء الحاجة، والسحر والحسد لجلب الأذى وإلحاق الضرر، والعرافة للكشف عن ما يخبئه الغيب وعن ما يتمخض عنه المستقبل، كل ذلك عوامل وطرق نفسية من غير صقل ولا تهذيب وان كان من المغالاة أن ننكر على تلك الطرف بعض النتائج الباهرة التي يحصل عليها بعض من يمارسونها.
هذا، وقد ثبت عملياً واصبح في حكم البديهيات معرفة الصلات الوثيقة التي تربط الانفعالات النفسية بالظواهر الفسيولوجية وتأثيرها تأثير اً مادياً وعضوياَ؛ ومع ذلك فليسمح القارئ بان نضرب له بعض الأمثلة: إذا فوجئ إنسان بخير محزن وصدمة عنيفة، فقد يشعر في جفاف في حلقومه إذ يغيض معين سائله اللعابي ويقف إفرازه؛ أو في حالة الفزع