بمقدرته النفسانية، فهب الأستاذ إلى نجدة الرجل أمكنه إزالة آلامه وإعادة الطمأنينة إلى نفسه عن طريق الإيحاء.
٣ - العلاج النفساني لعضو فقد ووظيفة
مثل هذه الحالات كثيرة. وسأذكر مثلاً شاهدته هنا بنفسي في هذه الأيام وهو ما أثارني في كتابة هذا البحث، وقد وقع في إحدى مستشفيات بوردو مع الأستاذ العالمي الكبير (جورج بورتمان) وهو يعد اكبر حجة في العالم اجمع لأمراض النف والأذن والحنجرة - أتت صباح يوم سيدة تصحب ابنتها وكانت تشعر ببحة في الصوت على اثر صدمة نفسية غرامية أفضت إلى قبض الصوت وفقدانه تماماً وقد فحصها الأستاذ بدقة تامة شانه مع كل المرضى كما فحصناها من بعده فلم نر غير حنجرة سليمة، ليس بها علامة لمرض أو التهاب؛ وأوتار الحنجرة كذلك بحالة طبيعة، فأدركنا أن هذا النوع ليس عضوياً وإنما هو وظيفي أو هستيري كما يسمونه، فاستعمل معها طريقة الأحياء، وكانت دهشتنا شديدة إذ رأينا الفتاة وقد تم شفاؤها وعاد صوتها في اليوم الثالث إلى حالته الأولى.
وأظن القارئ قد سمع شيئاً عن مدينة لورد بفرنسا وهي مدينة صغيرة يقال أن العذراء مريم ابنة عمران قد ظهرت فيها. وقد يكون ذلك عن ظاهرة ازدواج الشخصية كما أسلفنا في مستهل المقال. وقد حدثت الرؤيا لفتاة سميت فيما بعد بالقدسية (برنادوت) وكانت في حالة تامة من اليقظة متمتعة بقواها العقلية. فأصبحت مدينة (لود) على اثر هذا الحادث أرضاً مقدسة وموطناً للحج يؤمه الزوار و (الحجاج) من المسيحيين من كل حدب وصوب بقصد التبرك وقضاء الحوائج وشفاء الأمراض، وان بعض الحالات المرضية قد تم علاجها في تلك المدينة - ولا مريض هنالك يحضر تحضيراً خاصاً قبل ذلك بأيام وتعرض عليه الصور الفوتوغرافية للمرضى الذين شفوا من مرضهم ولا سيما من كان منهم مصاباً بداء المريض الذي ينشد الشفاء. كما تلقى عليه دروس خاصة وكل ما من شانه أن يضاعف اعتقاده ويقوي أيمانه، ومن ثم يسمح له بالاستحمام في حوض يحوي (الماء المبارك). وقد دلت الإحصائيات على أن بعض المرضى قد تحسنت حالتهم، كما تم شفاء البعض - أني من غير أن أتعرض للناحية الدينية من الموضوع أقول بان العامل النفساني من أيجاء وغيره يلعب دوراً هاماً في مثل هذه الأحوال.