وفي كتاب (رسالة أضحوية في أمر المعاد) هذا، نجد ما حكى الغزالي عن ابن سينا من أدلة إنكار البعث الجسماني، وعند ذاك نجد ما نسد به تلك الثغرة التي كانت شاغرة في تأريخ الفكر الإسلامي. وكنا قد أبنا في مقالنا السابق أن لهذه الثغرة جانبين:
أحدهما: يتصل بابن سينا، أعني هل قال ما نسبه إليه الغزالي في كتابه التهافت من أدلة إنكار البعث الجسماني، أم لا؟!، ضرورة أنه أن كان قائلاً بها، يكون قائلاً بإنكار البعث الجسماني على سبيل القطع، دون أن يفسح المجال لشك أو تردد. وقد ثبت أنه قائل بها.
وثانيها: يتصل بالغزالي، أعني هل هو ثقة حين يتحدث عن فرق خاصمهم ورد عليهم، ممن طال لعهد بهم بحيث لا يتيسر لنا الرجوع إلى مصادرهم الأصلية؟! أم هو في موضوع الشك والاتهام؟!، وقد ثبت أنه ثقة خصوصاً في تلك المسألة التي أجرينا امتحانه فيها.
وبعد فلعلنا أيها القارئ الكريم قد شوقناك إلى كتاب (رسالة أضحوية في أمر المعاد) وما وراء كمن سمع، وقريباً أن شاء الله يكون في يدك، فلقد تفضل مشكوراً الأستاذ البحاثة مدير المعهد الفرنسي باستحضار صور لجميع مخطوطاته الموجودة في مكتبات العالم، ليستعان بها على إخراج نص صحيح، وقد راجعنا هذه الأصول كلها، وعلقنا عليها، وقدمنا الكتاب للطبع، وهو الآن بالمعهد ينتظر دوره.