قصيدة (سلوا قلبي) فقد استطاعت أن تجعل الجمهور يغلي ويفور في بعض مواضع هذه القصيدة.
وأذكر أن عبد الوهاب كان يدافع عن نفسه، حين وجه إليه اللوم لعدم المشاركة في الأغاني الحماسية، بأن الشعب يردد أغانيه ذات الطابع العاطفي الرقيق، ولا يسمع من أحد صدى لحنه هو أو غيره من أناشيد. وهذا يؤيد ما قلته، لأنه يصدر في النوع الأول عن طبعه فينتج إنتاجاً حياً، أما الأناشيد المتكلفة فهي تموت على أثر إلقائها. ومن الخطأ المبين ما كان يقال من أن الشعب المصري ميال بطبعه إلى اللهو فهو لا يقبل على إنشاد جدي فهذا هو الشعب كما تراه اليوم يسبق الفنون في حماسه وقوته، وهي تحاول أن تلحق به. .
ويماثل عبد الوهاب في الغناء والموسيقى، أحمد رامي في النظم والتأليف فهو يسجل خفقات القلوب ويتتبع الأطيار على الأشجار ولكنه ظلم نفسه ب (نشيد الشباب) الذي وضعه أخيراً وغنته أم كلثوم، والذي يبدأ هكذا:
نادى المنادي يا شباب ... لبوا الندا=ردوا العدا عن الوطن
ثم يعظ هكذا:
تضامنوا ... الشرق يدعوكم=إلى طرد العدا
تعاونوا ... الله يهديكم=إلى نور الهدى
ثم يختم بإرسال الحكمة هكذا:
من غاش منا فاز بالعيش الرغيد.
ومن يمت مجاهداً مات شهيد.
كلام عادي فاتر، وتهبط الحرارة عن درجة الفتور عندما يأمر بالتعاون ليهدي الله إلى (نور الهدى).
وأم كلثوم هي التي تنطلق قوية مثيرة لو قدم لها المنظوم القوي النابض بالحياة، وهي التي تستطيع أن تدرك تل أبيب ب (وصله) واحدة. . . ولكنها لا تغني إلا ما تلفقه من شعر شوقي، وما يوضع لها خائراً واهناً، وهي تكثر من ترديد أغانيها القديمة، مثل أغنية (فضلت أصالح في روحي) التي غنتها في حفلة بور سعيد التي أقيمت للترفيه عن جنود الجيش، والتي لم تغني فيها شيئاً جديداً مناسباً للحال الحاضرة. ولست أدري إلى متى تظل