ثم ظهر لي شيء آخر. . إن هذه اليوميات لم تكن سوى وسيلة للانتقام مني بسبب ترددي الذي منع أحلامي - أحلامنا - من جعلها حقيقة واقعة، وحتى موتها الفجائي كان من صنع إرادتها. بل كان في نيتها أن تضع هذه اليوميات في يد زوجها بهذه الطريقة، ولم يكن لدي من الوقت ما أستطيع فيه أن أستعرض كل هذه المعضلات وأحاول تفسيرها، ولكن وجود زوجها هنا كان إحدى التفسيرات، بل التفسير الطبيعي لكل ما حدث، ولذلك عملت بما تتطلبه الظروف، ووضعت نفسي تحت تصرف الضابط في كلمات تناسب الموقف).
فصحت قائلاً - دون أن تحاول.
فقاطعني الدكتور فيفالد في خشونة قائلاً - حتى لو كان هناك أدنى نوع من النجاح لمثل هذه المحاولة فإنها لتظهر لي شيئاً مشيناً. أني أشعر نفسي بأني مسؤول عن كل هذه النتائج التي أوجدتها مغامرتي الخيالية هذه - تلك المغامرة التي كنت جباناً لأني لم أحققها.
(وقال الكابتن - إني أحب أن أضع الأمور في نصابها قبل أن يعلم الناس عن موت رديجوندا إننا الآن في الساعة الأولى صباحاً. ففي الساعة الثالثة سيتقابل شهودنا. وفي الخامسة سنسوي أمورنا.
وأومأت بالإيجاب في برود، ثم غادرني: ورتبت أوراقي، ثم تركت الدار أبحث عن صديقين فوجدتهما في فراشيهما، وأطلعتهما على الشيء الضروري حتى يدركا المهمة الملقاة على عاتقيهما ثم جعلت أذرع الطريق أمام نوافذ دارها، دار رديجوندا المسجاة الآن على فراش الموت، وتملكني حينئذ شعور اليقين بأني أسير نحو نهاية مصيري المحتوم.
وفي الساعة الخامسة صباحاً واجهت الكابتن وواجهني والمسدس في يد كل منا في الحديقة الصغيرة بالقرب من المكان الذي خاطبت فيه رديجوندا للمرة الأولى.
فقلت - وهل قتلته؟
قال - لا. . إن رصاصتي مست صدغه، ولكنه أصابني في قلبي، وسقطت ميتاً في التو واللحظة كما يقولون.
فالتفت إلي جاري العجيب وكلي دهشة واستغراب، فإذا به قد اختفى من ركن المقعد فذهلت. . . وأخيراً سألت نفسي ألا يجوز أنه لم يكن موجوداً على الإطلاق، وأن كل ما حدث لم يكن إلا وليد خيالي؟ ولكني تذكرت أني سمعت بعضهم كان يتحدث بالمقهى في