واقفة أمامي بلحمها ودمها على عتبة داري، وأنه في اللحظة القادمة سأتناولها حقاً بين ذراعي.
وذهبت إلى الباب وفتحته، ولكن. . . لم تكن رديجوندا هي الواقفة أمامي، بل كان. . . زوجها! كل ذلك كان حقيقة كحقيقة وجودك بجانبي على هذا المقعد.
وقف الضابط لحظة يتأمل وجهي، ووقفت أمامه مذهولاً، ثم دعوته إلى الدخول والجلوس. ولكنه ظل واقفاً وقال في ازدراء أنت تتوقع قدوم رديجوندا. من سوء الحظ أنها لا تستطيع الحضور. لقد ماتت! فرددت قائلاً: ماتت!
وخيل إلي حينئذ أن العالم قد توقف عن الحركة.
وطفق ضابط (الدراغون) يقول في هدوء - لقد وجدتها منذ ساعة بمكتبها وأمامها هذا الكتاب، وها أنذا قد أحضرته ليسهل علينا وضع الأمور في نصابها. لقد قتلها الرعب على ما أعتقد عندما دخلتن عليها في حجرتها بغتة. هذا هو آخر ما سطرته. اقرأه من فضلك.
وناولني كتاباً مغلفاً بجلد بنفسجي اللون، فقرأت الكلمات الآتية (. . . والآن سأترك منزلي إلى الأبد. إن حبيبي في انتظاري).
وأطرقت إطراقه من يدرك ما الذي تعنيه هذه الكلمات.
واستمر الضابط يقول - لا شك أنك أدركت أن ما تحمله في يدك هو يوميات زوجتي. من الأصوب أن تلقي عليها بنظرة، حتى تدرك أنه لا يجديك الإنكار.
وقلبت الصفحات وطفقت اقرأ وأقرأ حوالي الساعة، وأنا مرتكن على مكتبي وهو جالس على المقعد دون حراك. قرأت قصة حبنا كاملة؛ تلك القصة الغريبة بكافة تفاصيلها منذ التقائي بها في ذلك الصباح من يوم الربيع، وتحدثي إليها في الحديقة. ثم قرأت عن أولى قبلاتنا، وسيرنا معاً، وذهابنا إلى الريف، وساعات نشوتنا في غرفتي المزدانة بالزهور، وخططنا التي وضعناها للهرب أو الموت، وسعادتنا وبأسنا. كان كل ذلك مسطراً في هذه الصفحات؛ هذا الذي لم يكن فيه مسحة من الواقع ولكنه كل ما اتفق لي وقوعه في الخيال، وشعرت بعجزي عن تفسير أمر هذه اليوميات. ولكن تبلج في نفسي ضوء نمن الحقيقة هو أن رديجوندا قد أحبتني كما أحببتها، وأنها قد حصلت على تلك القوة الغامضة فمنحتها موهبة الخيال وبذلك شاركتني كل حوادث مغامراتي تلك.