البعيد، ولنأخذ مثلاً باب (الوصف) من ديوانه، كما قسمه أحمد بك أمين نفسه.
فاقرأ له وصف كساء، حيث قال مرتجلاً:
لي كساء أنعم به من كساء ... أنا فيه آتيه مثل الكسائي
حاكه الغر من خيوط المعالي ... وسقاه النعيم ماء الصفاء
وقصائده في الشمس، والسيف، والمدفع، وليلة عيد الجلوس، وزلزال مسيناً، إذ قال:
إذا سرت يوماً حذر النمل بعضهم ... مخافة جيش من مواليك يخشاه
أو حتى قوله المفحش في الهجاء، الذي لم يثبته أحمد بك في ديوان حافظ:
أخس من دب على ظهرها ... ودبت الناس على ظهره!
بل أفتح ديوانه وأقرأ ما يقع عليه نظرك وتمعن فيه، سواء كان سياسياً أم اجتماعياً أم رثاء أم في أي غرض آخر. . .
فلعل الخيال الذي يقصده أحمد بك أمين إذن هو التغني بجمال الطبيعة. أو الغزل وهم الضربان من ضروب الشعر اللذان تخلف فيهما حافظ، لأنه منصرفاً إلى ناحيتين أساسيتين في شعره هما شعره السياسي، وشعره الإنساني النزعة.
على أن التغني في جمال الطبيعة بحد ذات ليس خيالاً كله!
وناحية أخرى في شعر حافظ.
تلك هي براعته في اختيار اللفظ، وفي تحديد المعنى الذي يريده، وفي التصوير.
ومن أقرب الأمثلة على ذلك قوله إلى روزفلت، التي لم تذكر في ديوانه أيضاً:
إنما شوقها لقولك يا روزفلت شوق الأسير للتحرير فما هي أعلى مراحل الشوق عامة؟
أن أعلاها هي بلوغ المشتاق ما يريد.
ولقد حدد حافظ مراحل الشوق وأهدافه في هذا الموضع - بكل هذه البساطة، فهو شوق الأسير للتحرير، والمصريون يشتاقون لسماع قول روزفلت حتى يدافع عن حرية هذا الشعب، الذي شبهه بالشعب الأمريكي، أيان احتلال الإنجليز له!
وهذا أبلغ ما يمكن أن يقال في مثل هذا الموضع.
ومثل قوله عن الإنجليز وسعد:
النسر يطمع أن يصيد بأرضنا ... سنريه كيف يصيده زغلول