ساعة، وما وسعه إلا أن يقول إني لم أذهب إلى فلسطين لكي أوطد حقا أو أقيم عدلا، بل لكي أوفق بين فريقين مختلفين. ولكنه أخفق في عمل هذه الأعجوبة، لأنها أعجوبة مزج الظلمة بالنور. وما تورع أن يطلب من مجلس الأمن ٢٥٠٠ جندي لكي ينفذ الهدنة بالقوة. وإن لم يكف هذا العدد طلب أيضاً عدداً مثله. ويظل يطلب إلى أن يصير عنده مائة ألف. أو يأتي أخيرا بقوات أمريكا وإنكلترا. وربما طلب أخيرا قنابل ذرية.
أفليست كل هذه التصرفات والاستعدادات لإقامة دولة صهيونية بالقوة القاهرة؟ فإذا ليستالهدنة هذه هدنة بالمعنى الحقيقي المفهوم ولا سيما أن أحد الفريقين لا يريدها، وما طلبها إلا الفريق الذي رأى نفسه مغلوبا على أمره.
وما جرى في لايك سكسس ليس كل ما تفعله الدول الكبرى اللئيمة ضد العرب. بل هناك مساع إبليسية لمنع بعض الدول الصديقة للعرب من مساعدتهم في الحصول على سلاح.
فأولا: إن الدولتين الكبيرتين اللئيمتين تهددتا تركيا بأن تكفا عن مساعدتها ماليا إذا كان تسهل للعرب الحصول على السلاح. ولكن هل يمكن إنكلترا وأمريكا أن تقطعا المساعدة المالية عن تركيا وهما قد ترجتاها أن تقبل هذه المساعدة لكي تكون ترسا لهما ضد روسيا. فهل جنت هاتان الدولتان حتى تضيعا هذا الترس لأجل سواد عيون اليهوديات أو زرقتها؟ لا نظن أن تركيا تخاف هذا التهديد.
ثانياً: تهددتا اليونان بأن تجعلا بلادها أتون ثورات إلى أن تضمحل فيه إذا كانت تسهل للعرب الحصول على السلاح. ولكنا لا نحن ولا اليونان نصدق أن إنكلترا وأمريكا تتخليان عن اليونان لكي تقع في إحبولة السوفيات.
ثالثا: أغرتا فرنكو سيد إسبانيا أن تزيلا الجفاء الذي بينه وبين هيئة الأمم لكي تقبله الهيئة في حظيرتها. هذا إذا كان لا يساعد العرب في الحصول على السلاح، ولكن هل يعبأ فرنكو بوعدهما، وهل هو لا يعبأ بهيئة الأمم أكثر مما أعبأ بمؤتمر الدول الخمس حين دعته هذه الدول لكي تفاوضه بشان موقفه فهز كتفيه وقال لا أحضر مؤتمركم. فمن يريدني فليأت إلي. لا ثقة لفرنكو بعدالة هذه الهيئة أكثر من ثقته بقوة جمعية الأمم المرحومة.
هذا بعض ما ظهر من لؤم الدولتين الكبيرتين في مقاتلة مصلحة العرب وفي معاونة صهيون. زد على هذه المساعي الشريرة التي تسعاها الدولتان الكبريان ومن مالأهما فإنهما